قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ في تقليص عدد جنود الاحتياط الذين يخدمون في قطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما يعد مؤشراً على تخفيف حدة القتال بعد عامين من الحرب، وذلك في ظل استمرار وقف إطلاق النار في غزة الذي تم التوسط فيه من قبل الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي لم تذكر اسمه، قوله إنه اعتباراً من يوم الخميس، بدأ الجيش الإسرائيلي في تقليص عدد جنود الاحتياط المتمركزين في عدة جبهات، بما في ذلك الضفة الغربية وشمال إسرائيل، وذلك لتخفيف العبء عن “جنود الاحتياط المنهكين” الذين تم استدعاؤهم عدة مرات منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
يأتي هذا القرار في وقت تسعى فيه إسرائيل وحركة “حماس” إلى إتمام المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، مما قلل من الحاجة إلى عدد كبير من الجنود، حيث أفاد مصدر آخر مطلع على المسألة للصحيفة بأن “الجيش الإسرائيلي سيسحب الآلاف من جنود الاحتياط”، وأشار المسؤول العسكري إلى أنه في بعض الحالات سيتم استبدال جنود الاحتياط بجنود في الخدمة الإلزامية، مع التأكيد على إمكانية استدعاء جنود الاحتياط في أي وقت وفقاً للاحتياجات العملياتية والتطورات.
ذكرت وول ستريت جورنال أن إسرائيل استدعت أكثر من 300 ألف جندي احتياط في بداية حرب السابع من أكتوبر 2023، بينما انخفض العدد المرتفع للاستدعاء بين جنود الاحتياط، وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط في أوقات الحرب، حيث يعاني الكثير منهم من إرهاق شديد نتيجة خدمتهم المستمرة منذ بداية الحرب في جبهات متعددة من لبنان إلى الضفة الغربية.
تبلغ مدة الخدمة الاحتياطية المعتادة في الجيش الإسرائيلي بضعة أسابيع فقط في السنة، وتحمل نفقات جنود الاحتياط تعتبر عبئاً كبيراً على كاهل إسرائيل، وقد عانى عدد كبير من الجنود من صدمات عميقة جراء تداعيات الحرب على غزة، مما يجعل معاناتهم تمثل “التكلفة الخفية للحرب”.
ونقلت الصحيفة عن إيديت شافران جيتلمان، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قولها: “جنود الاحتياط هنا ينهارون ببساطة، ولا يمكن للاقتصاد أن يتحمل ذلك”، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي لا ينتظر الإعلان الرسمي عن انتهاء الحرب، حيث لا توجد خيارات أخرى أمامه
أشارت جيتلمان إلى أن قرار سحب القوات يعد مؤشراً على أن إسرائيل في “حالة انتقالية ليست حرباً كاملة، لكنها أيضاً لم تعد إلى الوضع الطبيعي بعد”، وقبل وقف إطلاق النار، واجه الجيش الإسرائيلي صعوبات في دفع جنود الاحتياط المرهقين للحضور، حيث لجأ القادة إلى وسائل غير تقليدية مثل المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة.
قال بعض جنود الاحتياط إن عائلاتهم ومسيرتهم المهنية تنهار، بينما أعرب آخرون عن عدم معرفتهم بسبب استمرارهم في القتال في غزة.
في العاشر من أكتوبر الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة، وفي الوقت الراهن تحول التركيز إلى المرحلة الثانية التي تتطلب نزع سلاح حركة “حماس”، وتشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة القطاع بإشراف دولي، مع نشر قوة دولية تدعم أفراد الشرطة الفلسطينية بعد إخضاعهم للفحص الأمني، وأعقب وقف إطلاق النار الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين العشرين الأحياء المتبقين في قطاع غزة منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى إطلاق سراح نحو 2000 أسير فلسطيني لدى إسرائيل.
تواجه المرحلة الثانية من اتفاق غزة عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع وتعطل تشكيل لجنة التكنوقراط، ومنذ بداية وقف إطلاق النار، قامت “حماس” بتسليم جثامين 22 من أصل 28 محتجزاً متوفين، مشيرة إلى أن الدمار الذي لحق بغزة جعل من الصعب العثور على الجثامين.
وبحسب مسؤولي الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فإن الحرب الإسرائيلية على القطاع أودت بحياة ما يقرب من 69 ألف فلسطيني، منهم 241 منذ سريان وقف إطلاق النار، مما ترك معظم القطاع في حالة من الخراب والدمار.

تعليقات