يشهد العالم تداعيات غير مسبوقة نتيجة أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، حيث بدأ تأثير هذا الإغلاق يمتد إلى القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا، مما أدى إلى معاناة آلاف الموظفين المحليين الذين يواجهون توقف رواتبهم منذ حوالي ستة أسابيع.
وفقاً لصحيفة “نيويورك بوست”، فإن أكثر من ألفي عامل في القواعد الأمريكية بالقارة الأوروبية لم يتلقوا رواتبهم منذ بدء الإغلاق، وفي بعض الدول مثل ألمانيا، تدخلت الحكومات المحلية لتقديم دعم مؤقت، بينما واصل موظفون في دول أخرى مثل إيطاليا والبرتغال أداء مهامهم بدون مقابل.
في ألمانيا، أعلنت وزارة المالية أنها ستتحمل مسؤولية دفع رواتب حوالي 11 ألف موظف مدني يعملون في القواعد الأمريكية، بما في ذلك قاعدة “رامشتاين” الجوية، التي تُعتبر مركزاً رئيسياً للعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأكدت الوزارة توقعاتها باسترداد المبالغ من الجانب الأمريكي بعد انتهاء الإغلاق، كما حدث في حالات سابقة مشابهة.
أما في إيطاليا، فقد أشار منسق النقابة العمالية في قاعدة “أفيانو” الجوية، أنجيلو زكّاريا، إلى أن أكثر من 4,600 إيطالي يعملون في خمس قواعد أمريكية، بينهم حوالي 1,300 موظف لم يتقاضوا رواتبهم منذ أسابيع، وأوضح زكّاريا أن العديد من العمال يواجهون صعوبات في سداد أقساط منازلهم أو تكاليف المعيشة، رغم استمرارهم في العمل دون دعم مالي، وقد طالبت النقابة الحكومة الإيطالية بالتدخل لإيجاد حلول عاجلة.
وفي البرتغال، يواجه أكثر من 360 عاملاً في قاعدة “لاجيس فيلد” بجزر الأزور وضعاً مشابهاً، حيث أكدت رئيسة لجنة العمال، باولا تيرا، أن الموظفين يواصلون العمل لأن القوانين المحلية لا تعترف بالإجازات القسرية، مما يؤدي إلى فرض عقوبات إدارية على المتغيبين، وأشارت إلى أن الحكومة الإقليمية في الأزور وافقت على قرض مصرفي لتغطية رواتبهم مؤقتاً حتى يستقر الوضع في واشنطن.
من جانبها، اكتفت المتحدثة باسم القوات الجوية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا، آمبر كيلي-هيرارد، بالتأكيد على أن الموظفين المحليين ملزمون بأداء مهامهم وفق عقودهم، وأن صرف أجورهم يتم وفقاً لاتفاقيات مع كل دولة مضيفة، بينما تجاهلت وزارة الدفاع الأمريكية الرد على استفسارات الصحافة بشأن أزمة الرواتب، واكتفت بإصدار بيان.
وفي إسبانيا، حيث تدير الولايات المتحدة قاعدتي “مورون” و”روتا”، أكدت نقابة تمثل أكثر من ألف عامل أن تأخير الرواتب تم حله الشهر الماضي بمساعدة الحكومة الإسبانية، رغم أن وزارة الدفاع الإسبانية لم تؤكد تفاصيل مشاركتها في ذلك الحل.
تُظهر هذه الأزمة مدى تأثير الخلافات السياسية الداخلية في واشنطن على العاملين في القواعد الأمريكية حول العالم، حيث أصبح هؤلاء العمال رهائن لتلك الخلافات، في الوقت الذي تتدخل فيه حكومات أجنبية لضمان استمرار العمليات الحيوية التي تخدم المصالح الأمريكية.

تعليقات