جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن في وقت حساس للغاية، حيث تتصاعد التوترات في المنطقة وتستمر الحرب في غزة، بينما تتعقد الأوضاع السياسية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
الزيارة تحمل في طياتها رهانات كبيرة تتعلق بمستقبل الدعم الأمريكي لإسرائيل، كما تتعلق بمسار الحرب والضغوط السياسية والدبلوماسية بين الحليفين، خاصة في وقت تشهد فيه الأولويات الإقليمية تغييرات كبيرة وتزايد الانتقادات الدولية للسياسات الإسرائيلية.
محاولة إطالة أمد المرحلة الأولى
علق الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على زيارة نتنياهو للولايات المتحدة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي منها هو محاولة إطالة أمد المرحلة الأولى وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
وأوضح سلامة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصر على تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، بينما يسعى نتنياهو لكسب الوقت وإقناع الإدارة الأمريكية بتمديد المرحلة الحالية لأطول فترة ممكنة، مشيرًا إلى أن طول مدة الزيارة يعكس هذا المسعى بوضوح.
تأجيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق
وأشار سلامة إلى أن اللقاء بين ترامب ونتنياهو سيُعقد في المنتجع الخاص بالرئيس الأمريكي، في أجواء ودية، وهو ما يحاول نتنياهو استثماره لتحقيق أهدافه السياسية، خاصة تأجيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأضاف أن نتنياهو يواجه تحديات كبيرة، مثل مساعي تركيا للدخول ضمن تشكيل قوة الاستقرار في غزة، وهو ما يراه تهديدًا مباشرًا لمصالحه، فضلًا عن صعوبة تنفيذ مطلب نزع سلاح حركة حماس في هذه المرحلة، وهو أمر يراه غير واقعي.
تطورات جديدة في ملف غزة
أكد سلامة أن هذه الزيارة قد تفتح الباب أمام تطورات جديدة في ملف غزة، سواء على مستوى مسار الاتفاق أو الترتيبات الأمنية والسياسية خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن نتائج اللقاء ستظهر ملامح المرحلة القادمة من الصراع.
ومن جانبه، علق عمرو حسين، الكاتب والمحلل السياسي، على زيارة نتنياهو، موضحًا أنها تمثل محطة سياسية فارقة في مسار الحرب على قطاع غزة، وتعكس بوضوح حجم الضغوط الأمريكية المتزايدة على الحكومة الإسرائيلية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، خاصة بعد أن بات استمرار العمليات العسكرية دون أفق سياسي عبئاً ثقيلاً على الإدارة الأمريكية داخلياً وخارجياً.
فرض إيقاع جديد لإدارة الأزمة
وأضاف حسين أن الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بدور الداعم التقليدي لإسرائيل، بل تحاول فرض إيقاع جديد لإدارة الأزمة يقوم على التهدئة المرحلية واحتواء تداعيات الصراع، ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة إقليمية أوسع، وفي هذا الإطار، تسعى واشنطن لدفع تل أبيب نحو قبول ترتيبات سياسية وأمنية أكثر تعقيداً.
وأوضح أن ملف نزع سلاح حركة حماس يُطرح كشرط محوري لأي انتقال إلى المرحلة التالية، لكن هذا الطرح يظل إشكاليًا، إذ لا يمكن فصل مسألة السلاح عن السياق السياسي الأوسع للقضية الفلسطينية.
نشر قوات دولية في قطاع غزة لسد الفراغ الأمني المتوقع
وأشار حسين إلى أن الاتفاق على نشر قوات دولية في قطاع غزة يأتي كخيار تسعى من خلاله واشنطن إلى سد الفراغ الأمني المتوقع، وتقليص الاحتكاك المباشر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، لكن نجاح هذا الخيار يعتمد على طبيعة التفويض الممنوح لتلك القوات ومدى حيادها.
وأكد حسين أن نتنياهو يحاول توظيف زيارته لواشنطن سياسيًا، سواء لتخفيف حدة الضغوط الأمريكية أو لتقديم أي تنازل محتمل للرأي العام الإسرائيلي باعتباره إنجازًا أمنياً، لكن الواقع يشير إلى أن هامش المناورة أمامه يضيق تدريجياً، في ظل تنامي القلق الأمريكي من استمرار الحرب وتأثيراتها على الاستقرار الإقليمي.
الحلول الأمنية وحدها لن تصنع سلاماً دائماً في المنطقة
واختتم حسين بأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مهما حمل من ترتيبات أمنية، سيظل خطوة ناقصة ما لم يُرفق بمسار سياسي جاد يعيد الاعتبار للحقوق الفلسطينية المشروعة، مؤكدًا أن الحلول الأمنية وحدها لن تصنع سلاماً دائماً في المنطقة.


التعليقات