شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية زيادة ملحوظة الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت بنسبة 2.3% بالتزامن مع ارتفاع الأوقية في البورصة العالمية بنسبة 2.4%، وذلك بسبب الضبابية الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية المتعلقة بالحرب الروسية–الأوكرانية، وفقًا لتقرير منصة «آي صاغة».
وذكر سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، أن أسعار الذهب في مصر زادت حوالي 130 جنيهًا، حيث بدأ جرام الذهب عيار 21 عند 5615 جنيهًا، وانتهت التعاملات عند 5745 جنيهًا. أما الأوقية عالميًا، فقد ارتفعت بنحو 100 دولار، حيث افتتحت عند 4199 دولارًا وأغلقت قرب 4299 دولارًا.
سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 6566 جنيهًا، وسعر عيار 18 كان حوالي 4924 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى 45960 جنيهًا.
منذ بداية العام، ارتفعت أسعار الذهب محليًا بنحو 2005 جنيهات، بنسبة نمو 54%، بينما الأوقية عالميًا زادت حوالي 1675 دولارًا، بنسبة 64%، محققة ما يقرب من 50 مستوى قياسي جديد، ليكون بذلك الذهب في أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979.
رغم هذه المكاسب، أشار التقرير إلى أن أداء الذهب لا يزال أقل مقارنة بالفضة، التي تراجعت عن ذروتها الأخيرة فوق 64.66 دولارًا للأوقية، لكنها حققت زيادة سنوية لافتة بنحو 115%، لتتداول عند مستويات تاريخية غير مسبوقة.
يتوقع المحللون أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة، رغم استمرار الضغوط التضخمية، مما يعني تراجع العوائد الحقيقية وتقليل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا.
وعلى الجانب الآخر، يُتوقع أن تؤثر حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي على نمو الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، ورغم التوقعات باستمرار دعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي لأسواق الأسهم حتى 2026، فإن تصاعد المخاطر يعزز من جاذبية الذهب كأداة رئيسية لتنويع المحافظ الاستثمارية.
بالرغم من الطلب القوي على الذهب هذا العام، إلا أن حيازاته لا تزال تمثل نسبة محدودة من إجمالي الأصول المالية العالمية، مما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية إضافية في المستقبل.
لا يزال عدد من المحللين يستهدف وصول أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، بينما تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا، مع سيناريوهات أكثر تفاؤلًا تشير إلى إمكانية بلوغ 100 دولار للأوقية.
تتلقى أسعار الذهب دعمًا من حالة الغموض المحيطة بالسياسة النقدية الأمريكية وضعف البيانات الاقتصادية، رغم التصريحات المتباينة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، حيث أعرب بعض الأعضاء عن قلقهم من استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، خاصة مع محدودية البيانات، مثل مؤشر أسعار المستهلكين.
عزز تقرير طلبات إعانة البطالة، الذي جاء أضعف من التوقعات، هذا الاتجاه، بعد ارتفاع عدد المتقدمين للحصول على الإعانات، حيث أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن بعض البيانات قد تكون «مضللة» بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية.
على الصعيد الجيوسياسي، تستمر محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا في التعثر، وسط استياء البيت الأبيض من بطء المفاوضات، وخيبة أمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عدم توقيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على خطة السلام الأمريكية.
في سياق متصل، ذكر بنك «جولدمان ساكس» أنه يتوقع فرصًا قوية لمزيد من الارتفاع في أسعار الذهب، مقارنة بتوقعاته الحالية البالغة 4900 دولار للأوقية بنهاية عام 2026، مدفوعًا بزيادة طلب المستثمرين على رفع مخصصاتهم من الذهب، وانخفاض مستويات التمركز الحالية، واحتمالات توسع اتجاهات التنويع الاستثماري.
وأوضح محللو البنك أن السوق العالمية للذهب لا تزال صغيرة نسبيًا مقارنة بأسواق الأصول الأخرى، مما يعني أن أي تحول محدود في التدفقات الاستثمارية قد يؤدي إلى ارتفاعات حادة في الأسعار، معتبرين الذهب «أفضل توصية استثمارية طويلة الأجل في قطاع السلع».
وأشار البنك إلى أن المحركات الرئيسية لصعود الذهب تشمل الزيادة الهيكلية لمشتريات البنوك المركزية، ودورة خفض أسعار الفائدة الأمريكية، بالإضافة إلى دعم قوي من جانبي الطلب: البنوك المركزية واستثمارات القطاع الخاص
وفقًا لتقديرات «جولدمان ساكس»، ارتفع سعر الذهب الفوري بنحو 60% منذ بداية العام، مدفوعًا بمشتريات البنوك المركزية، وزيادة الطلب على صناديق الذهب المتداولة، وتراجع الدولار، وتنامي إقبال المستثمرين على التحوط من المخاطر الجيوسياسية والتجارية.
ومع استمرار حالة عدم اليقين العالمي، يزداد النظر إلى الذهب كأداة تحوط استراتيجية ضد الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، في ظل ما يعتبره المراقبون تحولًا هيكليًا في تدفقات رؤوس الأموال العالمية لصالح المعدن النفيس.


التعليقات