تحدث الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، عن أهمية تطوير الأطر القانونية والتنظيمية واستخدام التكنولوجيا المالية لزيادة عدد المستفيدين من الأنشطة المالية غير المصرفية، وتمكين الشباب والنساء من المشاركة في سوق المال.
جاء ذلك خلال كلمته في قمة Top 50 Women STEM and Future Innovation Summit، التي أقيمت برعاية رئيس الوزراء وبالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، وحضرها قيادات نسائية وخبراء في مجالات العلوم والتكنولوجيا، إلى جانب طلاب الجامعات.
أوضح الدكتور محمد فريد أن العمل العام يواجه تحديات كبيرة بسبب تعقيد المصالح وتعدد الأطراف المعنية، مما يستدعي بذل جهد مستمر لبناء مرجعيات علمية قوية. وأكد أن التعليم المستمر والتواصل مع التجارب الدولية، خاصة في الدول المتقدمة، يعدان عنصرين أساسيين لفهم الأسواق والتعامل مع المستثمرين بلغة مشتركة.
وأضاف أن كل من يعمل في القطاع العام يجب أن يسعى للتعلم المستمر، مشيرًا إلى أنه حصل على أربع درجات ماجستير لتحسين معارفه ومواكبة التطورات العالمية، خصوصًا في القطاع المالي، مما يمكنه من التحدث مع المستثمرين بلغة يفهمونها. وأكد أن المرجعية العلمية تمثل نقطة انطلاق مهمة في عمل الجهات الرقابية.
كما أشار إلى أن هناك اعتقادًا خاطئًا بأن الجميع يعرف ما يفعله العاملون في القطاع العام، بينما الواقع مختلف، حيث أن تعقيد المشكلات يتطلب تواصلًا فعالًا مع المواطنين لتعريفهم بالإصلاحات وتأثيرها على حياتهم اليومية، وهذا يتطلب خلفيات علمية وخبرات متراكمة.
وتحدث الدكتور محمد فريد عن تأثير عدد من النماذج الإنسانية والمهنية في حياته، مشيرًا إلى أن والده كان قدوته الأولى، حيث تعلم منه أن قيمة العمل تتعلق بالالتزام والعطاء، وليس بالمناصب. كما استعرض دور والدته في تشكيل شخصيته، واصفًا إياها بنموذج الانضباط والتضحية.
وأشار أيضًا إلى تأثير شخصيات أكاديمية مثل الدكتور محمود محيي الدين، الذي كان نموذجًا في الجمع بين التميز الأكاديمي والرؤية الاقتصادية، مما عزز قناعته بضرورة الربط بين البحث العلمي ومتطلبات التنمية المستدامة.
أوضح الدكتور محمد فريد أن الهيئة العامة للرقابة المالية تتصل بشكل مباشر بحياة المواطنين، حيث تشرف على قطاعات مهمة مثل التأمين على السيارات وصناديق التأمين والمعاشات، مما يعكس أهمية دورها في توفير احتياجات الناس.
وفي هذا الإطار، تناول تجربة صناديق الاستثمار في الذهب، التي بدأت في 2023 ونجحت في جذب استثمارات تتراوح بين 4 و5 مليارات جنيه من نحو 250 ألف مستثمر، مما يعكس نجاح الهيئة في تحقيق هدفها المتمثل في ديمقراطية الاستثمار.
كما أشار إلى مقولة لألبرت آينشتاين حول أهمية تغيير الأساليب لتحقيق نتائج مختلفة، موضحًا كيف كان قطاع التأمين يعاني في عام 1999 من قلة الأقساط التأمينية، حيث كانت أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يدل على ضعف انتشار الخدمات التأمينية.
وأضاف أن المتوسط العالمي للأقساط التأمينية في الأسواق الناشئة يتراوح بين 5-7%، بينما في الأسواق المتقدمة يتراوح بين 12%-15%. وذكر أن القطاع كان يعاني من نقص في عدد الاكتواريين المؤهلين.
أوضح أن أزمة الكوادر البشرية امتدت إلى المناهج الدراسية الخاصة بوسطاء التأمين، حيث لم تشهد الأقساط التأمينية أي تحرك حتى توليه رئاسة الهيئة في 2022، حيث استمر الوضع كما هو دون أي تحسن.
أكد الدكتور محمد فريد أنه لم يكن مقبولًا الاستمرار في الأسلوب القديم، لذا اتخذت الهيئة خطوات لتحديث المناهج والمعلومات كمدخل رئيسي للإصلاح.
أوضح أن أي جهة رقابية مالية تضع هدفين أساسيين، الأول هو تحقيق الاستقرار المالي، والثاني هو العمل على تنمية الأسواق، مشيرًا إلى أن الإصلاحات التي نفذتها الهيئة استهدفت التأثير على قطاعات التمويل وسوق رأس المال.
وأشار إلى أهمية فهم طبيعة الأجيال الجديدة، مثل جيل Z وألفا، الذين لا يرغبون في الإجراءات التقليدية، مما دفع الهيئة لإصدار قانون رقم 5 لسنة 2022 لتنظيم استخدام التكنولوجيا في الأنشطة غير المصرفية.
كما ذكر أن هذا القانون ساهم في زيادة عدد المستثمرين الجدد في البورصة، حيث ارتفع العدد من 25 إلى 29 ألف مستثمر سنويًا إلى نحو 340 ألف مستثمر في عام 2023، مما يعكس نجاح الإصلاحات.
وفيما يتعلق بقطاع التأمين، أشار إلى الفجوة الكبيرة في رؤوس الأموال، حيث كانت هناك فجوة كبيرة بين الحد الأدنى لرأس مال البنوك وشركات التأمين، مما أدى إلى إصدار قانون التأمين الموحد الذي رفع الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين.
أوضح أن هذه الإصلاحات قد أدت إلى بدء عدد من شركات التأمين في إصدار وثائق تأمين جديدة، مع إمكانية إتمام الإجراءات رقميًا من المنزل.
أكد الدكتور محمد فريد أن هذه الخطوات التنظيمية أسهمت في خلق طلب متزايد على وظائف ذات أهمية رقابية، مثل المراجعة الداخلية والحوكمة، حيث تشترط الهيئة توافر هذه الوظائف في المؤسسات الخاضعة لإشرافها.
وأشار أيضًا إلى دور معهد الخدمات المالية التابع للهيئة في تأهيل الكوادر البشرية من خلال برامج تدريبية، مما يسهم في تنظيم السوق وحماية حقوق المتعاملين.
اختتم الدكتور محمد فريد كلمته بالتأكيد على أهمية تمكين المرأة والشباب في مجالات العلوم والتكنولوجيا، باعتبارهم أساس بناء مستقبل مالي مستدام.


التعليقات