شهدت مصر في الفترة الأخيرة مجموعة من الأزمات المتتالية، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو صحية، وكان لها تأثير كبير على حياة المواطنين وأولوياتهم، خصوصًا في مجالات السكن والعمل والتعليم. مع ارتفاع الأسعار وموجات التضخم، بالإضافة لتأثير جائحة كورونا، ظهر جيل جديد من المصريين يحمل أفكارًا جديدة في كيفية اختيار أماكن السكن ووظائفهم، بل وحتى أساليب التعليم لأبنائهم.

السكن: من المساحة والموقع إلى المرونة والتكلفة

خلال الثلاث سنوات الماضية، شهدت سوق العقارات ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، مما دفع العديد من الأسر لإعادة تقييم خياراتها السكنية. الخبراء يرون أن هذا التحول يعكس توجهًا نحو المرونة المالية والعملية، حيث أصبح الطلب أكبر على السكن المؤقت أو التعاقد الشهري بدلًا من الشراء المباشر، خصوصًا بين الشباب.

العمل: من الوظيفة التقليدية إلى الفرص المتعددة

أثرت أزمة كورونا وعوامل السوق على نوعية الوظائف التي يفضلها المصريون. الدكتور أحمد رشاد، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، يشير إلى أن “جيل ما بعد الأزمات” يبحث عن وظائف توفر استقرارًا نسبيًا، لكنه أيضًا يفضل المرونة في ساعات العمل وإمكانية العمل عن بعد. كما زاد اهتمام الشباب بالمهن الحرة وريادة الأعمال، حيث أتاح الإنترنت فرصًا جديدة للتجارة والخدمات.

التعليم: جودة ومرونة بدل الكم

تأثرت جوانب التعليم أيضًا بالأزمات، حيث ارتفعت الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة والجامعات، مما دفع الأهالي للبحث عن مؤسسات تعليمية توفر جودة عالية ومرونة في طرق التعلم، سواء عبر التعليم الإلكتروني أو المختلط.

انعكاسات اجتماعية وثقافية

هذه التغيرات في أولويات المصريين لم تؤثر فقط على نمط الحياة، بل أيضًا على العلاقات الاجتماعية، حيث أصبح التركيز على الاستقرار المالي والقدرة على التكيف مع الأزمات أولوية أكبر من التميز الاجتماعي. كما زاد الوعي الصحي والنفسي بين الأسر، حيث أصبح اختيار السكن والعمل والتعليم مرتبطًا برغبة الأسر في حماية أطفالهم وتحقيق توازن نفسي واجتماعي.

كيف تغيرت أولويات المصريين؟

التقرير يتناول كيف تغيرت أولويات المصريين في الغذاء والسكن والتعليم. الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، يقول إن أولويات المصريين شهدت تغييرات كبيرة نتيجة الأزمات الاقتصادية المتتالية وتأثيرها المباشر على القدرة الشرائية.

تراجع استهلاك المصريين من اللحوم والأسماك والبروتين

العمدة يوضح أن التغيرات ظهرت بوضوح في مجالات السكن والتعليم والصحة، حيث لم يعد بإمكان الكثير من الأسر شراء شقق التمليك كما في السابق، فبدأت تلجأ للتمويل العقاري والشراء بالتقسيط لفترات طويلة. كما تراجعت تفضيلات السكن لصالح المساحات الأصغر والأحياء الأقل تكلفة.

الأسر تواصل الاستثمار في الدروس الخصوصية

بالنسبة للإنفاق على التعليم، الأسر المصرية تواصل الاستثمار في الدروس الخصوصية رغم الضغوط المالية، حيث يظل الإنفاق على الغذاء والمسكن أولوية قصوى. الدكتور العمدة يؤكد أن الأولوية الأولى للمصريين الآن هي تأمين الغذاء، ثم الصحة والتعليم، وغالبًا ما يلجأ المواطنون للاقتراض إذا لم تكفِ مواردهم لتغطية الاحتياجات الأساسية.

الغذاء أصبح البند الأول والأساسي في ميزانية الأسرة المصرية

الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، يشير إلى أن أولويات المصريين في الإنفاق تغيرت بشكل جذري، حيث أصبح تأمين لقمة العيش هو الهم الأساسي. كما أوضح أن الإنفاق على الغذاء أصبح البند الأول في ميزانية الأسرة، حيث يسعى المواطن لتوفير الطعام لأسرته.

التعليم هو البند الثاني في أولوية المصريين

عبده يضيف أن التعليم يأتي في المرتبة الثانية من الأولويات، حيث يسعى الأهالي لضمان تعليم جيد لأبنائهم، حتى عبر الدروس الخصوصية.

المواطن يحاول ترتيب مصروفه بحيث يكفي حتى نهاية الشهر

المواطن المصري اليوم يعيش حالة من التوافق المؤقت بين دخله واحتياجات أسرته، حيث يحاول ترتيب مصروفه ليكفي حتى نهاية الشهر.

هناك تغير كبير في أولويات المصريين

الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن هناك تغيرًا كبيرًا في أولويات المصريين خلال السنوات العشر الماضية، حيث أصبحت احتياجات المعيشة اليومية تتصدر قائمة الأولويات، مع التركيز على الغذاء والصحة والتعليم، بدلًا من الترفيه كما كان في السابق.