ذكرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية أن أوروبا بحاجة إلى تبني سياسة “اقتصاد الحرب” إذا كانت ترغب في تقليل اعتمادها العسكري على الولايات المتحدة.

في تقرير بعنوان “لماذا تحتاج أوروبا إلى اقتصاد الحرب؟”، أشارت المجلة إلى أن الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي، التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، توضح أن التزامات الولايات المتحدة الأمنية أصبحت مرتبطة بمصالحها بشكل أكبر، مما يعني أن أوروبا لم تعد تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان دفاعها بشكل دائم.

كما أوضحت شبكة “سي إن إن” أن اقتصاد الحرب يعني إعادة توجيه الاقتصاد لتلبية الاحتياجات العسكرية على حساب الاستهلاك المدني، وهذا يتطلب التركيز على الإنتاج الدفاعي.

وأكدت “ذا ناشيونال إنترست” أنه إذا كانت أوروبا تريد الحفاظ على أهميتها الاستراتيجية، فعليها بناء اقتصاد حرب حقيقي.

أوروبا تعتمد على الولايات المتحدة في المراقبة الجوية

أضافت المجلة أن الضعف الصناعي في أوروبا يزداد بسبب الاعتماد على البنية التحتية التي تتحكم فيها الولايات المتحدة في ثلاث مجالات حيوية، أولها الفضاء، حيث تعتمد الحروب الحديثة على الملاحة عبر الأقمار الصناعية، والاستهداف، والمراقبة، والاتصالات الآمنة.

وأشارت إلى أن الكثير من المعرفة الأوروبية في ساحة المعركة لا تزال مرتبطة بالأنظمة العسكرية والتجارية الأمريكية، مما يعني أن العمليات الأوروبية ليست تحت السيطرة الأوروبية.

الخدمات العسكرية الأوروبية تعتمد على مكونات أمريكية

أما السبب الثاني، فهو أن خدمات الأسلحة والخدمات اللوجستية التي تعتمد عليها الأنظمة الدفاعية المتقدمة في أوروبا، مثل الطائرات وأنظمة الصواريخ، تعتمد على مكونات أمريكية، بما في ذلك تحديثات البرمجيات وسلاسل الصيانة.

ذكرت “ذا ناشيونال إنترست” أن العمليات العسكرية الأوروبية العالية الكثافة تحتاج غالبًا إلى تصريح أمريكي مسبق ودعم فني مستمر.

أوروبا رهينة الردع النووي الأمريكي

أما السبب الثالث فهو يتعلق بالردع النووي، حيث تعتمد أوروبا بشكل كبير على الردع النووي الأمريكي لحمايتها الاستراتيجية، باستثناء فرنسا جزئيًا، ويظل أي قرار أوروبي بشأن استخدام الردع النووي مرتبطًا بالقرار السياسي الأمريكي.

وبحسب التقارير، تمتلك فرنسا ترسانة مستقلة مع 290 رأسًا نوويًا، بينما لدى بريطانيا أربع غواصات نووية تحتوي على حوالي 225 رأسًا نوويًا وتعتمد جزئيًا على التكنولوجيا الأمريكية.

يفكر بعض القادة الأوروبيين في تشكيل مظلة فرنسية بريطانية بدلاً من الاعتماد على المظلة الأمريكية، خاصة في ظل التشكيك المستمر من الرئيس الأمريكي في جدوى التحالفات العسكرية، لكن القرار النهائي يظل سياديًا بالكامل، مما يجعل فكرة إنشاء قوة نووية أوروبية موحدة صعبة التحقيق.

احتياج أوروبي لتطوير البنية التحتية المالية

تشير المجلة إلى أن البنية التحتية المالية لأوروبا تعد من الأسباب الهامة التي تدفعها إلى اتباع سياسة “اقتصاد الحرب”، حيث أصبحت العقوبات وأنظمة الدفع والخدمات السحابية أدوات قوة لا تقل أهمية عن الأسلحة.

تقول المجلة إن اقتصاد الحرب الحديث يتطلب أيضًا مرونة مالية وبنية تحتية رقمية آمنة وأمن الطاقة، وليس فقط الأسلحة والدبابات.

اختتمت المجلة تقريرها بالتأكيد على أن هذه الترتيبات كانت تبدو تكاملًا فعالًا للتحالف، لكن في ظل الظروف الحالية، يبدو أن هذه القيود أصبحت أكثر صعوبة وتحديًا.