استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أبرز التقارير الاقتصادية التي سلطت الضوء على التغيرات في الاقتصاد العالمي لعام 2025 وتوقعات 2026، حيث جاء تقرير بنك “بي إن بي باريبا” ليصف هذه التحولات. التقرير أشار إلى أن الاقتصاد العالمي واجه اضطرابات كبيرة في 2025 بسبب تغييرات صارمة في السياسة التجارية الأمريكية، مما أدى إلى ارتفاع متوسط الرسوم الجمركية على الواردات إلى نحو 17% مقارنة بـ 2.3% في 2024، وأثر ذلك سلبًا على النشاط الاقتصادي العالمي، وكان الاقتصاد الأمريكي الأكثر تأثرًا.

رغم هذه التحديات، أظهرت الاقتصادات الكبرى مرونة ملحوظة في 2025، حيث تباطأ النمو بشكل بسيط بين النصف الثاني من 2024 والنصف الأول من 2025، وجاء أداء الربع الثالث إيجابيًا بدعم من تحسن ثقة الأعمال، خصوصًا في القطاع الصناعي، لكن ثقة المستهلكين كانت لا تزال أقل من المعدلات التاريخية.

في أوروبا، رغم أن معدلات النمو كانت أقل من 1% في دول كألمانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا أن الاستجابة الأوروبية للتغيرات العالمية ساهمت في تحسين التوقعات المستقبلية. تشير التوقعات إلى أن منطقة اليورو ستنمو بنحو 1.5% في 2026، في حين ستحقق المملكة المتحدة نموًا يقارب 1.1%، وإسبانيا ستستمر في التفوق بمعدلات نمو تتجاوز 2% بفضل زيادة الإنفاق الاستثماري والدفاعي.

وبالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فإنه يدخل عام 2026 بتوقعات نمو تقارب 2%، وهو مستوى يعتبر جيدًا، لكنه يعكس تحولًا في مصادر النمو، حيث تراجع استهلاك الأسر لصالح زيادة الاستثمار، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل تباطؤ سوق العمل وارتفاع طفيف في معدل البطالة، مع استمرار التضخم أعلى من الهدف بنحو نقطة مئوية.

كما ذكر التقرير أن الذكاء الاصطناعي كان أحد المحركات الأساسية لصمود الاقتصاد العالمي في 2025، حيث ارتفعت الاستثمارات في هذا القطاع في الشركات الأوروبية غير المالية بنسبة 1.2%، واستحوذ قطاع التكنولوجيا المتقدمة على ثلث صافي فرص العمل الجديدة في منطقة اليورو منذ نهاية 2019، مع زيادة عدد المتخصصين في الذكاء الاصطناعي في أوروبا بنسبة 30% مقارنة بالولايات المتحدة.

على صعيد السياسة النقدية، شهد عام 2025 تباينًا بين مسارات البنوك المركزية، حيث اتجهت الولايات المتحدة لخفض أسعار الفائدة بسبب قلقها من تباطؤ سوق العمل، بينما وصلت منطقة اليورو لوضع شبه حيادي بعد نجاحها في خفض التضخم، مع توقع استقرار السياسة النقدية الأوروبية في 2026 عند مستويات تتماشى مع هدف التضخم البالغ 2%.

أما بالنسبة للاقتصادات الناشئة، فقد واصلت تسجيل معدلات نمو أعلى من المتوسط العالمي، حيث بلغ متوسط النمو 4.1% في 2025، مع توقع تباطؤ طفيف إلى أقل من 4% في 2026، لكن الأداء يختلف بين المناطق. التقرير يتوقع تباطؤ النمو في آسيا وأمريكا اللاتينية، بينما ستشهد دول الخليج والشرق الأوسط وإفريقيا نموًا ملحوظًا، مع توقع استمرار الاقتصاد الهندي في تحقيق نمو مرتفع يقارب 6.5% في 2026.

التقرير يشير إلى أن عام 2026 سيكون عامًا انتقاليًا يتسم بالتوازن بين الصمود والاضطراب، في ظل استمرار التحولات الهيكلية في النظام الاقتصادي العالمي، وزيادة دور السياسات الصناعية والاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مع بقاء المخاطر الجيوسياسية والمالية مرتفعة.

في نفس السياق، استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تقرير “الأونكتاد”، الذي أشار إلى أن التجارة العالمية في السلع والخدمات استمرت في النمو خلال النصف الثاني من 2025. إذا تحقق ما هو متوقع، فإن التجارة العالمية ستتجاوز 35 تريليون دولار هذا العام، بزيادة تُقدَّر بنحو 2.2 تريليون دولار، أي حوالي 7% مقارنة بعام 2024.

التقرير أوضح أن تجارة السلع ستساهم بنحو 1.5 تريليون دولار من هذه الزيادة، بينما يُنتظر أن تنمو تجارة الخدمات بنحو 750 مليار دولار، ما يعادل حوالي 9%. ومن المتوقع أن يستمر النمو في الربع الرابع، رغم أنه سيكون بوتيرة أبطأ، بواقع 0.5% للسلع و2% للخدمات.

أضاف التقرير أن الزيادات السابقة كانت مدفوعة جزئيًا بارتفاع الأسعار، لكن بعد ارتفاعها على مدار ربعين متتاليين، يُتوقع انخفاض أسعار السلع المتداولة في الربع الرابع، مما يعني أن أحجام التجارة، وليست الأسعار، ستكون المحرك الرئيسي لنمو التجارة في نهاية العام.

أما بالنسبة لتدفقات التجارة في عام 2026، فمن المتوقع أن تؤثر وتيرة النمو العالمي الأبطأ، وارتفاع مستويات الدين، وزيادة تكاليف التجارة، واستمرار حالة عدم اليقين، سلبًا على تدفقات التجارة.

استعرض التقرير أيضًا الاتجاهات الإقليمية خلال الفترة من الربع الرابع لعام 2024 حتى الربع الثالث لعام 2025، حيث توسعت التجارة بين الاقتصادات النامية، المعروفة بتجارة الجنوب – الجنوب، بنحو 8%، ما يعكس زيادة القدرة على الصمود عبر المناطق النامية رغم التحديات المرتبطة بارتفاع مستويات الدين.

وعلى المستوى الإقليمي، حققت صادرات شرق آسيا أعلى معدلات النمو بنسبة 9%، مع ارتفاع التجارة البينية داخل الإقليم بنحو 10%. كما سجلت أمريكا الجنوبية أداءً إيجابيًا، حيث ارتفعت التجارة البينية بنسبة 3% في الربع الثالث وبنسبة 7% خلال الأرباع الأربعة الماضية، بينما أظهرت إفريقيا نموًا ملحوظًا في الواردات بلغ 10% خلال الأرباع الأربعة الماضية و3% في الربع الثالث، والصادرات حققت نموًا قدره 6%. في المقابل، تراجعت صادرات أمريكا الشمالية خلال الربع الثالث بنسبة 3%، لكنها نمت بنسبة 2% خلال الأرباع الأربعة الماضية، بينما كانت الواردات أقوى، مسجلة ارتفاعًا قدره 6% خلال الفترة نفسها، بينما واصلت أوروبا تحقيق نمو معتدل بارتفاع بنسبة 2% في الربع و6% خلال الأرباع الأربعة الماضية، وزادت الواردات بنسبة 1% في الربع الثالث و8% خلال نفس الفترة.