في شوارع برونزفيلد الهادئة جنوب لندن، تنكشف قصتان متناقضتان عن المدينة، واحدة تتحدث عن جمال الطبيعة، والأخرى عن سجن شهير يحتجز ناشطات ضد الاحتلال الإسرائيلي.
تدور الأحداث حول سجن برونزفيلد، الذي يُعتبر أكبر سجن مخصص للنساء في أوروبا، وقد أصبح معروفًا أكثر بسبب احتجاز الناشطات المدافعات عن حقوق الفلسطينيين، اللواتي يعارضن الحرب على غزة المستمرة منذ عامين.
داخل السجن، تخوض الناشطة البريطانية آمو جيب، وهي عضو بارز في حركة “فلسطين أكشن”، إضرابًا عن الطعام مع زميلاتها احتجاجًا على احتجازهن منذ يوليو، بعد اقتحام قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني “برايز نورتون” في عام 2025.
بعض السجينات تجاوزن فترة الحبس الاحتياطي
قبل 47 يومًا، وبالتحديد في 2 نوفمبر 2025، بدأت جيب وزميلاتها إضرابهن عن الطعام، حيث تجاوز بعضهن الفترة القانونية للحبس الاحتياطي، التي تبلغ 182 يومًا.
اختيار هذا اليوم لم يكن عشوائيًا، فقد تزامن مع ذكرى وعد بلفور، الذي يُعتبر بداية الإبادة الجماعية في فلسطين، وفقًا لجيب.
في عيد ميلادها الثلاثين، قررت جيب عدم الاحتفال، معتبرة أن “الاحتفال الحقيقي سيكون عندما تتوقف الإبادة الجماعية في غزة”.
مقاومة ولو بحفنة رمال
تقول جيب: “ربما أملك أمنية واحدة، وهي أن كل عام من حياتي سيكون بمثابة حفنة من الرمل نضعها على طريق آلة القتل الإمبريالية، وأتمنى أن نعيش لنرى اليوم الذي ستتوقف فيه هذه الآلة”.
تقول جيب إنها تعرفت على القضية الفلسطينية خلال دراستها، حيث كانت زميلاتها الفلسطينيات هن من أطلعنها على تفاصيل الصراع المرير تحت الاحتلال الإسرائيلي، مما جعلها تشعر وكأنها جزء من تلك المعاناة.
غزة تحكي قصة الألم
كل وفاة تترك خلفها أعدادًا لا تُحصى من المفجوعين، ومساحات فارغة في قلب غزة، شجرة زيتون بلا مزارعين، وطرف سرير لم ينم فيه طفل رضيع، ومطبخ فارغ دون أم، هذا ما روت لها زميلاتها عن الاحتلال، قبل أن تعيش تلك التفاصيل بنفسها.
تضيف جيب: “لم أكن أفهم السياق التاريخي آنذاك، لكن قصف المدنيين كان خطأ فادحًا، ورأيت هذا الأمر يتكرر عامًا بعد عام، وكان صادمًا بشدة”.
“فلسطين أكشن” تطالب بإجراءات مشروعة
تطالب جيب وزميلاتها بوقف آلة الدم، وإغلاق مصانع الأسلحة التي تزود “إسرائيل”، ورفع الحظر عن حركة “فلسطين أكشن”، ووضع حد لسوء معاملة السجناء، والإفراج الفوري عن المحتجزين الذين يعانون من ظروف صعبة.
تقول جيب: “نريد محاكمة عادلة، بما في ذلك الإفراج الكامل عن المراسلات بين المسؤولين البريطانيين والإسرائيليين، وندرك أن وجودنا هنا يعطي السلطات الفرصة لفعل ما تشاء”.
كتابة فلسطين حرة جريمة تستحق السجن
تواجه تلك المطالب عنصرية شديدة من سلطات السجون، حيث تُفرض أوامر تمنعهن من التواصل، وتُغير حياتهن كما تشاء، وتراقب منشوراتهن، بحسب “ذا جارديان”.
تضيف جيب: “مُنعت من الانضمام إلى مجموعة الحرف اليدوية لأنهم زعموا أنني أُشكل تهديدًا أمنيًا بعد أن كتبت عبارة ‘فلسطين حرة’ على وسادة، وكان ذلك في اليوم الذي اعترفت فيه المملكة المتحدة بدولة فلسطين”.
على الصعيد الشخصي، فقدت جيب 11 كيلوجرامًا من وزنها حتى الآن، وأصبحت تتحرك ببطء، لكن إيمانها بحلم “فلسطين حرة” لا يزال قويًا.


التعليقات