تشهد الساحة اليمنية تحولات كبيرة في الآونة الأخيرة، مما دفع دوائر القرار الغربي لإعادة تقييم الوضع في الجنوب بعد الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية.
– منصة غربية: الجنوب بات يقترب عمليًا من استيفاء معايير “الدولة القابلة للاعتراف”
في الأسابيع الماضية، تزايدت النقاشات في المجلات الغربية حول الوضع في اليمن، خاصة بعد التطورات الميدانية في الجنوب. هذه النقاشات لم تعد مقتصرة على تقارير بسيطة، بل أصبحت جزءًا من حوارات في مجلات بارزة مثل Foreign Affairs وFYI، والتي أكدت أن ما يحدث في الجنوب له تأثيرات كبيرة على الأمن الإقليمي والدولي.
فقد نشرت مجلة Foreign Affairs تقريرًا تصف فيه الوضع في اليمن بأنه أخطر تهديد مُهمَل في الشرق الأوسط، مشيرة إلى التحركات العسكرية في حضرموت والمهرة، واعتبرت أن هذه الأحداث أحدثت “تحولًا زلزاليًا” في ميزان القوى. التقرير أقر بأن الجنوب أصبح يمتلك زمام المبادرة على الأرض، وهو تحول لم يحدث منذ عقود.
كما ربطت المجلة هذا التحول بسياق أكبر، موضحة أن التوقعات بانحسار التوتر في البحر الأحمر بعد وقف إطلاق النار في غزة كانت قصيرة الأمد، وأن الأحداث في الجنوب أعادت خلط الأوراق. المجلس الانتقالي الجنوبي لم يعد مجرد طرف سياسي، بل أصبح قوة تمتلك مشروعًا ودعمًا إقليميًا وقدرة عسكرية.
من ناحية أخرى، حذرت المجلة من أن هذا التحول قد يمنح الحوثيين مبررًا لمحاولة التمدد شرقًا، لكن ما بين السطور كان هناك اعتراف بثلاث حقائق مهمة: أن القوة الجنوبية أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله، وأن ميزان القوى انقلب لصالح الجنوب، وأن أمن البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بمدى سيطرة الجنوب على أراضيه.
الأهمية السياسية لتقارير الغرب
تقرير منصة FYI ناقش مسألة الاعتراف بدولة الجنوب من منظور المصالح، مشيرًا إلى فشل أدوات الردع التقليدية ضد الحوثيين وتهديد الملاحة الدولية، مما يدفع الغرب للبحث عن شريك محلي قادر على فرض الاستقرار. التقرير اعتبر أن الجنوب يقترب من استيفاء معايير “الدولة القابلة للاعتراف” من حيث السيطرة وبناء مؤسسات أمنية.
الأهمية هنا ليست فقط في المحتوى، بل في توقيت التقارير والجهات التي تقف خلفها، حيث أن هذه المنصات تُستخدم لتحليل الخيارات أمام صُنّاع القرار في الغرب. الحديث عن الجنوب كمركز ثقل جديد أو لاعب محوري يحمل رسالة تحذير لبعض الدول التي لا تزال تتعامل مع الجنوب بعقلية ما قبل 2015.
الرسالة واضحة: الجنوب لم يعد ملفًا يمكن تجاهله أو تأجيله، بل أصبح له دور محوري في المعادلات السياسية والأمنية في المنطقة، وهذا يعني أن تجاهل الواقع الجديد لن يؤدي إلا لمزيد من عدم الاستقرار.
في المحصلة
التقارير الأخيرة تكشف أن الغرب بدأ يتعامل مع الجنوب ككيان يتشكل ودولة بحكم الأمر الواقع، وأن مستقبل اليمن لن يُحسم بالبيانات الدبلوماسية فقط، بل بالوقائع التي يفرضها الجنوب. هذه رسالة سياسية واضحة للإقليم بأن زمن تجاهل الجنوب قد انتهى، ومن لا يدرك التحولات اليوم، سيعاني من تبعاتها في المستقبل.
المصدر: وكالات


التعليقات