قال الخبير الاقتصادي عز حسانين إن الاقتصاد المصري مر بمرحلة انتقالية دقيقة في 2025، حيث تشير المؤشرات إلى تحسن واضح في النمو والاستقرار النقدي، لكن التحدي يبقى في استدامة هذا التعافي وتحويله من النمو المدفوع بالسيولة وارتفاع الأسعار إلى نمو يعتمد على الإنتاج الحقيقي والتصدير.

وأوضح حسانين، في تصريحات خاصة لـ«أحداث اليوم»، أن معدل النمو تسارع إلى حوالي 4.4% في العام المالي 2024/2025، مع توقعات ببلوغه 5.3% في 2026، وهذا يعكس تحسنًا هيكليًا في قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع الاتصالات، مما يشير إلى استجابة أولية من القطاع الخاص لتحسن توافر العملة الأجنبية وتسهيلات الاستيراد وتحسن بيئة الأعمال.

وأضاف أن هناك فجوة بين نمو الناتج المحلي الحقيقي والاسمي، مما يستدعي إعادة توجيه الاقتصاد نحو الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، مؤكدًا على ضرورة زيادة الاستثمارات الخاصة وتعزيز دور الصادرات كمصدر رئيسي للعملة الصعبة بدلاً من الاعتماد على الأموال الساخنة.

وأشار إلى أن استمرار الدولة في سياسة سقف الاستثمارات العامة عند حدود تريليون جنيه يعتبر خطوة إيجابية، لكن يجب تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى الاستثمار في رأس المال البشري من خلال تحسين جودة التعليم والخدمات الصحية لزيادة إنتاجية الفرد.

وفيما يتعلق بالتدفقات الأجنبية، أوضح أن صفقات كبرى مثل رأس الحكمة ومشروعات علم الروم ورأس بناس وفرت سيولة مهمة وأسهمت في استقرار الأسواق، لكنها ليست مصادر متكررة، كما أن السياحة حققت أرقامًا قياسية، لكنها تبقى حساسة للتوترات الجيوسياسية في المنطقة.

وأكد أن وصول الاحتياطي النقدي إلى 50.2 مليار دولار يعد إنجازًا، لكن يجب تقييم قوته بناءً على جودة مصادره، حيث إن تنوع مصادر الاحتياطي بين تحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر والتصدير والسياحة يعزز قدرة البنك المركزي على إدارة تقلبات السوق.

وحذر حسانين من أن جزءًا كبيرًا من تحسن ميزان المدفوعات يعتمد على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي، مما يجعل الاقتصاد عرضة لأي صدمات خارجية قد تؤدي إلى خروج هذه التدفقات بسرعة، مؤكدًا أن الاحتياطي الحالي يمثل “درعًا واقيًا” لكنه ليس “حصنًا منيعًا” ما لم يتحول إلى إنتاج محلي مستدام.

وفيما يخص السياسة النقدية، أشار إلى أن البنك المركزي ووزارة المالية نجحا في خفض التضخم العام والأساسي من مستويات قرب 38% في ديسمبر 2024 إلى حوالي 12.3% للتضخم الأساسي، لكن المواطن لا يزال يعاني من ارتفاع الأسعار مقارنة بمستويات الدخل الحقيقي، في ظل ارتفاع تكلفة التمويل على القطاع الخاص لأكثر من 30%.

وأضاف أن الانضباط المالي وتحقيق فائض أولي بنسبة 3.5% يعتبر نجاحًا رقميًا مهمًا، لكنه يتطلب توازنًا دقيقًا حتى لا تتحول الأعباء الضريبية إلى عائق أمام الاستثمار، مشيرًا إلى أن التوجه نحو التيسير النقدي التدريجي ضروري لدعم النمو مع الحفاظ على القوة الشرائية للمدخرات.

واختتم حسانين تصريحاته بالتأكيد على أن الخروج من الأزمات المتكررة يتطلب خطوات تنفيذية عاجلة، منها تقليص دور الدولة من خلال تفعيل وثيقة ملكية الدولة، وبيع حصص في شركات ناجحة لجذب إدارة خاصة محترفة، بالإضافة إلى توطين الصناعة المحلية من خلال حوافز مرتبطة بنسبة المكون المحلي وحجم التصدير، مع تعزيز الحماية الاجتماعية الذكية وربط برامج الدعم النقدي مثل “تكافل وكرامة” بمعدلات التضخم، وتحسين جودة الخدمات الأساسية كدعم غير مباشر للمواطن.