قال الدكتور أيمن سمير أستاذ العلاقات الدولية إن الشرق الأوسط شهد تغييرات كبيرة منذ سبتمبر 2024 وما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن، حيث بدأت الحسابات تتغير في المنطقة، ونرى الآن معادلات جديدة تعتمد على ضعف محور المقاومة الذي تمثله إيران وحزب الله والحوثيين، حيث فقدوا جزءًا من قوتهم وزخمهم. وأشار إلى أن الولايات المتحدة بدأت تستغل هذا الضعف لتشكيل تحولات تصب في مصلحة الكيان الصهيوني، من خلال إبرام صفقة بين النظام السوري والاحتلال الإسرائيلي، وتحاول تثبيت المكاسب التي حققها الكيان في 2025.

تراجع نسبي للدور الأمريكي

وأوضح سمير في تصريحات خاصة إن هذا التراجع النسبي للدور الأمريكي يفتح المجال أمام القوى الإقليمية للقيام بأدوار أكثر تأثيرًا في صياغة التفاعلات السياسية الجديدة داخل الإقليم، مؤكدًا أن مصر تعد واحدة من أبرز هذه القوى، بفضل موقعها الجغرافي وثقلها السياسي والتاريخي، ودورها المحوري في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وأضاف أن كلما تراجع النفوذ الأمريكي، زاد دور القوى الإقليمية، مشيرًا إلى أن مصر قادرة على ملء هذا الفراغ عبر دبلوماسيتها النشطة ورؤيتها المتوازنة التي تهدف إلى نشر الاستقرار واحتواء الأزمات.

الأمن القومي الأمريكية

وأكد سمير أن الدور المصري مرشح للتزايد في المرحلة المقبلة، في ظل التحولات الجارية في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، التي تشير بوضوح إلى تقليص الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، بعد أن لم تعد تحظى بنفس الأولوية التي كانت عليها سابقًا.

وأشار سمير إلى أن التحالفات في الشرق الأوسط تعتمد بشكل أساسي على الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية، بينما يأتي البعد الاقتصادي في مرتبة لاحقة، وغالبًا ما يكون مكملًا للصراعات أو التحالفات الجديدة. وأوضح أن ما يحدث في المشرق العربي ستكون له تداعيات طويلة المدى، وقد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة جيوسياسية جديدة للمنطقة.

وتابع أن من بين المتغيرات الملحوظة تراجع الدور الروسي في المشرق العربي، خاصة في الملف السوري، مقابل تصاعد الدور التركي داخل سوريا، لا سيما في ظل التقارب بين الحكومة السورية الجديدة والتركية، مما يعكس طبيعة التحولات السريعة في موازين القوى داخل الإقليم. ورغم أن هذه التحولات قد تبدو سلبية على مجمل أوضاع الشرق الأوسط، فإن مصر تمتلك من المقومات السياسية والدبلوماسية ما يمكنها من تحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية، مما يعزز من مكانتها الإقليمية ويقوي دورها كركيزة أساسية للسلام والاستقرار في المنطقة.