يشهد الشرق الأوسط في 2025 تحديات سياسية ودبلوماسية معقدة، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية والأمنية للدول مع متغيرات العلاقات الدولية، مما يجعل من الصعب تحديد تحالفات ثابتة أو خطوط فصل واضحة بين القوى الكبرى.
خريطة التحالفات في الشرق الأوسط
مصر تظهر كدولة تسعى لتحقيق توازن استراتيجي، حيث تبتعد عن الانحياز لطرف معين وتحافظ على علاقاتها مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية من أجل استقرار المنطقة وحماية مصالحها الوطنية.
الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن خريطة التحالفات في الشرق الأوسط لعام 2025 لا يمكن فهمها بالأسلوب التقليدي، فالعالم الآن يمر بحالة من السيولة السياسية والاقتصادية التي غيرت أنماط العلاقات الدولية.
التغيرات المتسارعة في النظام الدولي
سلامة أضاف في تصريحات خاصة أن الحديث عن تحالفات ثابتة لم يعد دقيقًا، فالتغيرات السريعة في النظام الدولي وموقع الشرق الأوسط في هذا المشهد الجديد فرضت أنماط علاقات جديدة تركز على المصالح بدلاً من الأيديولوجيات.
السياسة الخارجية المصرية تقوم على مبدأ الاتزان الاستراتيجي
أستاذ العلوم السياسية أكد أن المنطقة العربية تعاني من غياب الإرادة الموحدة، مما أدى إلى تباين الرؤى حول القضايا المختلفة، وهذا دفع كل دولة للاهتمام بمصالحها الخاصة بدلاً من العمل ككتلة عربية واحدة فاعلة، مشددًا على أن مصر لا تتبنى فكرة التحالفات التقليدية، بل تسعى لتحقيق اتزان استراتيجي في سياستها الخارجية.
سلامة أضاف أن مصر لا يمكن تصنيفها ضمن محور معين، سواء مع الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، بل تسعى لبناء علاقات متوازنة مع جميع القوى الدولية، مشيرًا إلى أن الانقسام الأيديولوجي بين الشرق والغرب لم يعد هو المحدد الأساسي للعلاقات الدولية.
إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي
سلامة أكد أن التحالفات الاقتصادية، مثل تجمع “بريكس”، تعكس رغبة الدول في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما يبرز أهمية الاقتصاد في الوقت الحالي.
هناك حالة سيولة في العلاقات الدولية
وتابع أن حالة السيولة بدأت تتضح خلال العامين الماضيين، خاصة بعد جائحة كورونا، ثم تفاقمت مع الأزمة الروسية الأوكرانية، مما أثر على الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمداد، وأمن الطاقة، والصحة العامة، مشيرًا إلى أن الدول النامية، بما فيها دول الشرق الأوسط، بدأت تتحرك وفق حسابات مصلحية بحتة.
المصالح الأمنية والاقتصادية وإدارة الأزمات هي المحرك الأساسي
عمرو حسين، الكاتب والمحلل السياسي، أشار إلى أن التحالفات تغيرت بشكل كبير في العالم منذ بداية 2025، حيث انتقلنا إلى “تحالفات الضرورة والملفات”، حيث أصبحت المصالح الأمنية والاقتصادية هي المحرك الأساسي.
حسين أضاف أن استمرار الحرب في غزة أعاد ترتيب أولويات العديد من الدول، فبرزت مسارات تهدئة غير معلنة، وازداد التنسيق الأمني في بعض الملفات الحساسة، مما ساهم في تراجع خطاب الاستقطاب الحاد الذي كان سائدًا في السنوات السابقة.
التحديات الاقتصادية وأزمات الطاقة والأمن البحري
المحلل السياسي أوضح أن عام 2025 كشف عن قوى إقليمية تسعى لتكون وسيطًا، مستفيدة من الدبلوماسية الاقتصادية ومشاريع الربط الإقليمي، مما أدى إلى تقارب بعض الخصوم السابقين تحت ضغط التحديات الاقتصادية.
أكد حسين أن هذه التحولات لا تعني نهاية الصراعات، لكنها تعكس انتقال الشرق الأوسط إلى مرحلة براغماتية سياسية، تقوم على إدارة الخلاف بدل الانفجار، مشيرًا إلى أن خريطة التحالفات أصبحت أكثر تعقيدًا.
الشرق الأوسط تغير بداية من سبتمبر 2024
الدكتور أيمن سمير، أستاذ العلاقات الدولية، أشار إلى أن الشرق الأوسط شهد تغييرات كبيرة منذ سبتمبر 2024، حيث بدأت الحسابات تتغير، وذلك بسبب ضعف محور المقاومة الذي تمثله إيران وحزب الله والحوثيين.
سمير أوضح أن هذا التراجع النسبي للدور الأمريكي يفتح المجال أمام القوى الإقليمية للقيام بأدوار أكثر تأثيرًا، مؤكدًا أن مصر تُعد من أبرز هذه القوى، نظرًا لموقعها الجغرافي ودورها المحوري في تحقيق السلام.
مصر قادرة على ملء هذا الفراغ الإقليمي
أستاذ العلاقات الدولية أكد أن مصر تستطيع ملء الفراغ الإقليمي من خلال دبلوماسيتها النشطة ورؤيتها المتوازنة، التي تهدف إلى نشر الاستقرار واحتواء الأزمات.
سمير أضاف أن الدور المصري مرشح للتزايد في المرحلة المقبلة، خاصة مع التغيرات في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، والتي تشير إلى تقليص الوجود الأمريكي في المنطقة.
التحالفات في الشرق الأوسط تقوم على الأبعاد السياسية
سمير أشار إلى أن التحالفات في الشرق الأوسط تعتمد على الأبعاد السياسية والأمنية، بينما يأتي البعد الاقتصادي في مرتبة لاحقة، موضحًا أن الأحداث الحالية سيكون لها تداعيات طويلة المدى على خريطة المنطقة.
تابع أن من بين المتغيرات الملحوظة تراجع الدور الروسي في المشرق العربي، مقابل زيادة الدور التركي، مما يعكس التحولات السريعة في موازين القوى، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك من المقومات ما يمكنها من تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز مكانتها الإقليمية.


التعليقات