في ظل الأحاديث المتزايدة حول نقل رفات الشيخ محمد رفعت، المعروف بلقب “قيثارة السماء”، خرجت مصادر من محافظة القاهرة لتؤكد عدم صحة هذه الأنباء، مشيرة إلى أن المقبرة لا تتعرض لأي تغييرات.

المصدر أكد أن مقبرة الشيخ لم تتعرض لأي إزالة، وأضاف أن أحد أحفاده قد دُفن هناك منذ فترة قريبة، مما يثبت استمرارية الوضع كما هو.

محمد رفعت.. المقرئ الذى وهب صوته للإسلام

ولد الشيخ محمد رفعت في درب “الأغاوات” بحي المغربلين في القاهرة عام 1882، وكان والده مأمورًا بقسم شرطة الخليفة، وقد فقد بصره في طفولته. توجه والده لتعليم القرآن الكريم نظرًا لما لمسه من موهبة في صوته، وقيل إن فقدان بصره كان نتيجة حسد امرأة زارت عائلته بعد ولادته.

بدايته مع القرآن

حرص والده على تعليمه القرآن، فألحقه بكتاب “بشتك” الملحق بمسجد مصطفى فاضل باشا، حيث أتم حفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشرة. بعد وفاة والده وهو في التاسعة، أصبح مسؤولًا عن أسرته، وبدأ يقرأ في مسجد فاضل باشا عام 1918، حيث نال شهرة واسعة.

كان المصلون يتجمعون في ساحة المسجد للاستماع إلى صوته، وكانت حالات الوجد والإغماء تتكرر بسبب تأثير صوته الفريد. كان حتى سائق الترام يتوقف ليستمتع بصوته، رغم عدم وجود محطة رسمية.

قيثارة السماء

نال الشيخ محمد رفعت العديد من الألقاب، منها “كروان الإذاعة الروحاني” و”صوت الجنة”. كان أول من أسس مدرسة للتجويد في مصر، وافتتح الإذاعة المصرية عام 1943 بآية من سورة الفتح.

تفرده في القراءة

تميز الشيخ ببدء القراءة بالاستعاذة والبسملة، ثم يرتل بهدوء قبل أن يرتفع صوته بشكل مؤثر. كان ينتقل بين المقامات الموسيقية بسلاسة، مما جعل الناس يبكون عند سماع آيات الترهيب ويفرحون عند سماع آيات الترغيب.

ولم يكتفِ بموهبته، بل درس علم القراءات والتفاسير، واهتم بالموسيقى، حيث كان لديه مكتبة تحتوي على العديد من الأعمال العالمية.

مكانة القرآن في نفسه

ظل الشيخ محمد رفعت عفيفًا وزاهدًا في الحياة، ولم يكن يسعى للمال. كان لديه مبدأ راسخ، حيث رفض عروضًا للقراءة في محطات إذاعية تذيع الأغاني، وأكد أنه لا يقرأ القرآن إلا لله.

صالونه الثقافي

أنشأ الشيخ صالونًا ثقافيًا يجمع فيه المثقفين والفنانين، وكان له أصدقاء مقربون مثل نجيب الريحاني.

مواقف في حياته

في أحد الأيام، ذهب لقراءة القرآن في عزاء، بعد أن رأى والد الفتاة في المنام. كما رفض أجرًا كبيرًا في مناسبة أخرى، مؤكدًا أن ما حصل عليه هو رزق من الله.

كما كان يرفض المال من الملك فاروق، وأكد أنه يقرأ القرآن لله فقط. وأيضًا خصص مبلغًا من المال لرعاية فتاة يتيمة بعد وفاة والدها.

مرض.. ورحيل

تدهورت صحة الشيخ بعد عدة أمراض، مما منعه من القراءة. ورغم العروض لعلاجه، كان يفضل بيع منزله لتغطية تكاليف مرضه. توفي الشيخ محمد رفعت في 9 مايو 1950، وهو نفس تاريخ ميلاده، وقد نعته الإذاعة المصرية بعبارات مؤثرة تعبر عن فقدان علم من أعلام الإسلام.