قال الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، إن تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن خفض الدين العام لمستويات لم تشهدها مصر منذ 50 عامًا تعكس توجهًا صحيحًا، لكنها تحتاج لمزيد من الشرح والشفافية في آليات التنفيذ وتأثيرها على المواطن.

وأوضح خطاب أن خفض الدين لا يمكن أن يتحقق بقرارات سريعة، بل يتطلب مسارًا طويلًا يبدأ بتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي، حيث إن جزءًا كبيرًا من الدين الحالي تم توجيهه لتمويل مشروعات بنية تحتية ومدن جديدة، بالإضافة إلى مشروعات إسكان وتوسعات في قطاعات الكهرباء والنقل، وهذا يضغط على الطلب على العملة الأجنبية.

وأشار إلى أن الدين الخارجي مرتبط بشكل وثيق بحجم الواردات، مما يعني أن تقليل الدين يتطلب تقليل الاستيراد غير الضروري وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، والتوسع في الصادرات، حتى تستطيع الدولة سداد أصل الدين وفوائده دون اللجوء لاقتراض جديد.

وأضاف أن الدينين الداخلي والخارجي متداخلان، حيث يُستخدم الدين الخارجي في كثير من الأحيان لسد عجز الموازنة وتغطية التزامات حكومية متراكمة، مما يجعل خفض الدين تحديًا معقدًا وليس مجرد قرار إداري.

وعن تأكيد رئيس الوزراء أن خفض الدين لن يكون على حساب المواطن، قال خطاب إن هذا الهدف ممكن بشرط وضوح الرؤية الاقتصادية وتوجيه الموارد نحو القطاعات القادرة على توليد دخل مستدام، مثل السياحة والصناعة والزراعة.

كما لفت إلى أن الدولة لديها فرص حقيقية في الفترة الحالية، بفضل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وتحسن إيرادات السياحة، بالإضافة إلى مشروعات كبرى مثل المتحف المصري الكبير والساحل الشمالي، مع اهتمام مستثمرين عرب بضخ رؤوس أموال مباشرة، مؤكدًا أن تحقيق المستهدف الكامل لخفض الدين قد يكون صعبًا، لكن الوصول إلى 50% أو حتى 60% من الهدف يُعتبر نجاحًا.

وتابع أن المواطن لن يشعر بتحسن حقيقي إلا إذا انعكس هذا المسار على زيادة فرص العمل وارتفاع الدخول، موضحًا أن الأزمة ليست فقط في غلاء الأسعار بل في ضعف الدخل، وأن الحل يكمن في بناء اقتصاد منتج يرفع مستوى المعيشة وليس الاكتفاء بخفض الأرقام على الورق.