علق الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، على تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حول هدف الدولة في خفض حجم الدين إلى مستويات لم تشهدها مصر منذ خمسين عامًا، وبيّن أن هذه التصريحات أثارت بعض الالتباس. فالدين الخارجي لمصر قبل خمسة عقود كان حوالي خمسة مليارات دولار، بينما الآن يصل إلى نحو 161 مليار دولار، مما يجعل المقارنة غير منطقية اقتصادياً.
وأضاف فؤاد، في حديثه، أن المهم ليس حجم الدين المطلق، بل نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يفتح نقاشًا حول مدى جدوى الاعتماد على هذا المؤشر كمعيار للحكم على الوضع المالي للدولة، ومدى تأثيره على حياة المواطن، حتى لو كانت الأرقام على الورق إيجابية.
وأوضح أن الدين يشكل أكثر من 65% من الاستخدامات العامة، بينما تلتهم فوائد الدين نحو 88% من الإيرادات الضريبية، وهذه مؤشرات توضح الضغط الكبير على المالية العامة. أي تحسن في نسبة الدين إلى الناتج المحلي لا يعني بالضرورة تحسنًا حقيقيًا في القدرة المالية للدولة، ولا يفتح المجال للإنفاق التنموي أو تحسين أوضاع المواطنين.
وأشار إلى أن المشكلة الأكبر هي أن نمو الناتج المحلي لا يعني قدرة حقيقية على السداد، فقد يحقق الاقتصاد معدلات نمو إيجابية دون أن يترافق ذلك مع زيادة في القاعدة الضريبية أو موارد النقد الأجنبي، أو حتى وجود علاقة واضحة بين الاقتراض والعائد الاقتصادي.
وأكد فؤاد أن الدين يفقد وظيفته التنموية، ويصبح وسيلة لسد فجوات قائمة، ويصبح تحقيق الفائض الأولي إنجازًا محاسبيًا، يتم غالبًا عبر الضغط على بنود الإنفاق الاجتماعي والاستثماري، وليس من خلال تحسين كفاءة الإنفاق أو زيادة الإيرادات، وهذا يتعارض مع فكرة تخفيف الأعباء عن المواطن.
وختم فؤاد بالتأكيد على أن المواطن لا يعيش داخل نسبة الدين إلى الناتج المحلي، ولا يشعر بتحسن حقيقي عندما تنخفض هذه النسبة، بل ما يشعر به هو جودة الخدمات العامة، واستقرار الأسعار، وقدرة الدولة على الاستثمار في المستقبل. عندما تستحوذ خدمة الدين على الجزء الأكبر من الموارد، يكون الثمن واضحًا في خدمات أقل، واستثمار مؤجل، وضغط متزايد على مستوى المعيشة، وعند هذه النقطة يصبح الدين قضية جودة حياة بقدر ما هو قضية مالية.


التعليقات