أكد الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشأن الأفريقي، أن اعتراف إسرائيل بما يُسمى “إقليم أرض الصومال” يأتي في وقت حساس للغاية بالنسبة لمنطقة القرن الأفريقي، مشيرًا إلى أن هذا الاعتراف يرتبط بعلاقات سابقة وطيدة بين إسرائيل والإقليم على الأصعدة السياسية والأمنية والعسكرية.
اعتراف إسرائيل بأرض الصومال
وأوضح قرني أن هذا الاعتراف يمثل تأكيدًا رسميًا لعلاقات كانت موجودة بالفعل، خاصة في ظل وجود مؤشرات على التعاون العسكري الإسرائيلي داخل الإقليم، وتحديدًا في مناطق استراتيجية، مما يعكس رغبة إسرائيل في تعزيز نفوذها بالقرن الأفريقي وأكد أن هذا التحرك يحمل دلالات استراتيجية خطيرة، ويهدف إلى تكريس واقع جديد يخدم الأهداف العسكرية والأمنية لإسرائيل، مثل السيطرة على منطقة البحر الأحمر من الشمال إلى الجنوب وإنشاء نقاط إنذار مبكر لمراقبة أي تحركات محتملة من الحوثيين في اليمن التي قد تشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل.
وأشار الخبير إلى أن من بين الأهداف غير المعلنة لهذا الاعتراف، إنشاء تحالف ثلاثي يضم إسرائيل وإثيوبيا وإقليم أرض الصومال، بما يحقق مصالح استراتيجية وأمنية خاصة بهذه الأطراف على حساب استقرار الإقليم وتوازناته وأكد أن إقليم أرض الصومال يسعى من خلال هذا الاعتراف إلى كسر عزلته الدولية والحصول على دعم خارجي في مجالات حيوية مثل التكنولوجيا وإدارة الموانئ والخدمات اللوجستية وتطوير المدن، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
وحذر قرني من أن هذا التطور يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة أن الصومال تعتبر حليفًا استراتيجيًا لمصر في القرن الأفريقي، وأن الحديث عن تحالفات عسكرية أو إنشاء قواعد عسكرية في الإقليم يشكل خطرًا مباشرًا على أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يؤثر سلبًا على أمن قناة السويس وأشار إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال قد يفتح الباب أمام سابقة خطيرة تشجع أطرافًا أخرى في القارة الأفريقية على السعي للحصول على اعتراف دولي، مستشهدًا بمحاولات محتملة من مليشيا الدعم السريع في السودان للبحث عن اعتراف دولي يكرس سيطرتها على غرب السودان، مما يمثل تهديدًا إضافيًا للأمن القومي المصري.
الدبلوماسية المصرية تتحمل مسؤولية كبيرة
أكد الدكتور رمضان قرني أن الدبلوماسية المصرية تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذا المسار، مشيرًا إلى أن مصر نجحت سابقًا في منع محاولات منح شرعية لمليشيا الدعم السريع، ويمكنها تكرار هذا الدور من خلال تحركات دبلوماسية فعالة لوقف هذا الاعتراف وشدد على ضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والصومال خلال المرحلة المقبلة، خاصة في حال تعرض الأراضي الصومالية لأي تهديدات عسكرية أو أمنية، مؤكدًا أن أمن الصومال يجب أن يُعد خطًا أحمر لا يقل أهمية عن الخطوط الحمراء التي أعلنتها مصر سابقًا بشأن السودان.
وأوضح أن التطورات المتسارعة في منطقة القرن الأفريقي تفرض على مصر إعادة صياغة تفكيرها الاستراتيجي، بما في ذلك دراسة إمكانية إنشاء قواعد عسكرية مصرية في المنطقة، خاصة في ظل وجود دول مثل جيبوتي التي تُبدي استعدادًا للتعاون في هذا الإطار، معتبرًا أن هذا التوجه أصبح أمرًا منطقيًا وضروريًا في ظل التنافس الدولي المتصاعد وأكد على أهمية تفعيل التحالف الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا، باعتباره أحد أهم أدوات تحقيق التوازن الاستراتيجي وضمان أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي في المرحلة المقبلة.


التعليقات