سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على أهم التقارير الدولية التي تتعلق بالسياحة العالمية خلال عام 2026، في إطار متابعة المركز لمؤشرات القطاعات الاقتصادية المهمة في مصر مع بداية كل عام جديد.
وأكد المركز أنه وفقًا لأحدث إصدار من “مقياس السياحة العالمية”، فإن أكثر من 1.1 مليار سائح دوليًا سافروا بين يناير وسبتمبر 2025، بزيادة تقدر بحوالي 50 مليون سائح مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. كما شهد عدد السياح الدوليين الوافدين نموًا بنسبة 5% خلال تلك الفترة، و3% مقارنة بعام 2019 الذي سبق الجائحة.
وعلى صعيد النقل الجوي، أشار اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) إلى أن حركة النقل الجوي الدولي نمت بنسبة 7% بين يناير وسبتمبر 2025 مقارنة بنفس الأشهر من العام السابق، مع زيادة في السعة الجوية الدولية بنسبة 6%. وبلغ معدل الإشغال العالمي في منشآت الإقامة 68% في سبتمبر 2025، وهو نفس المعدل المسجل في سبتمبر 2024.
وفي تحليل لمؤشر السياحة العالمية خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2025، أظهرت البيانات أن إفريقيا لا تزال تحقق أداءً قويًا، حيث زاد عدد الوافدين بنسبة 10% حتى سبتمبر. وسجلت مناطق شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى نموًا أيضًا، بينما ارتفع عدد الوافدين إلى الشرق الأوسط بنسبة 2% مقارنة بالعام السابق، مما يمثل زيادة بنسبة 33% مقارنة بعام 2019. وأظهرت البيانات أيضًا أن بعض أعلى معدلات النمو في عدد الوافدين كانت في البرازيل وفيتنام ومصر، حيث سجل كل منهما زيادة بنسبة 21%، بالإضافة إلى إثيوبيا واليابان بمعدل 18% لكل منهما. بينما استقبلت أوروبا -أكبر وجهة سياحية في العالم- 625 مليون سائح دولي خلال نفس الفترة، بزيادة 4% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.
واستعرض المركز تقديرات شركة “ريسيرش نيستر” الاستشارية، التي أشارت إلى أن حجم سوق السياحة العالمية بلغ أكثر من 10.62 تريليون دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن يتجاوز 17.46 تريليون دولار بحلول عام 2035، محققًا نموًا سنويًا مركبًا يزيد عن 5.1% خلال الفترة بين عامي 2026 و2035، مع تقدير حجم قطاع السياحة في عام 2026 بنحو 11.11 تريليون دولار.
كما تناول المركز تقرير وكالة “فيتش” الأمريكية حول الاتجاهات الرئيسية للسياحة في العام المقبل، والذي ناقش المؤشرات المتوقعة في قطاع السياحة العالمي، مع التركيز على تعزيز السياحة عالية القيمة وزيادة الإنفاق السياحي لكل زائر. كما ناقش التقرير تأثير الجغرافيا السياسية وتغير تفضيلات المسافرين ودور التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة السفر.
توقع التقرير أن يصل إجمالي عدد الوافدين العالميين في عام 2026 إلى نحو 1.6 مليار وافد، بزيادة 5.9% مقارنة بعام 2025، حيث يُتوقع أن تكون أسواق السياحة العالمية قد تعافت بالكامل إلى مستويات ما قبل الجائحة، مما يدعم مرحلة جديدة من النمو في القطاع. ومع تعافي العديد من الأسواق في عام 2025، فإن استقرار الاقتصاد العالمي سيساهم في دعم هذا النمو.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن تقرير “فيتش” يتوقع نمو الإنفاق الاستهلاكي العالمي بشكل معتدل في عام 2026، بحيث يتجاوز مستويات ما قبل الجائحة لأول مرة بعد الأزمة التضخمية. كما تتوقع الفرق المتخصصة أن ينمو إنفاق الأسر العالمية بنسبة 3.6% في عام 2026، مع تسارع معتدل من 3.4% في عام 2025، ليصل إلى نسبة 4.4% فوق مستويات 2019. ومع ذلك، فإن أنماط الإنفاق والسفر ستعكس تفضيلات متنوعة.
أوضح التقرير أن تفضيلات السفر في عام 2026 ستعكس تباينًا بين شرائح الدخل والمناطق، حيث سيتجه المسافرون ذوو الدخل المرتفع نحو الوجهات المتوسطة والطويلة المدى، بالإضافة إلى السياحة الفاخرة والسفر التجريبي. بينما سيظل المسافرون من ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط يركزون على خيارات السفر القصير إلى المتوسط المدى، مع إعطاء الأولوية للتكلفة المعقولة والقيمة.
أشار التقرير إلى أن الجغرافيا السياسية ستظل تمثل تهديدًا رئيسيًا لقطاع السياحة، حيث ستؤثر الرسوم الجمركية المستمرة التي تفرضها الولايات المتحدة على الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى زيادة عدم اليقين وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين. وفي هذا السياق، يتوقع أن يتبنى المستهلكون الحذر في إنفاقهم، مما سيدفعهم للسفر إلى الأسواق المجاورة.
ستشهد أعداد السياح الوافدين في بعض الأسواق عام 2026 تجاوز مستويات ما قبل الجائحة، مما يزيد من الطلب على أماكن الإقامة، مما يشكل فرصة لزيادة معدلات الإشغال والإيرادات في قطاع الضيافة. ومع ذلك، ستتغير تفضيلات المسافرين، حيث سيتجه عدد متزايد من السياح إلى خيارات إقامة أقل تكلفة، مما يزيد من شعبية الإيجارات قصيرة الأجل مثل “Airbnb”.
في عام 2026، من المتوقع أن يشهد استخدام أدوات تخطيط السفر المعتمدة على الذكاء الاصطناعي زيادة ملحوظة، حيث سيتجه المستهلكون لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مراحل تخطيط السفر، لتوليد الأفكار وتنظيم الجداول الزمنية. وقد استعرض التقرير بعض هذه الأدوات مثل أداة “Canvas” من “Google” وأداة “Flight Deals”.
يتوقع التقرير أن تعتمد الشركات السياحية هذه الحلول التكنولوجية لتحسين تجربة العملاء وكفاءة العمليات. كما سيسهم مفهوم الحجز المعتمد على الوكيل في تعزيز هذا الاتجاه، مما يمكّن المسافرين من إدارة حجوزاتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي.
رغم ذلك، لا تزال هذه التكنولوجيا في مراحلها الأولى، ومن المتوقع أن يكون التبني الواسع لها محدودًا على المدى القريب. كما يجب معالجة تحديات مثل التدقيق التنظيمي وأمن البيانات لضمان تنفيذ ناجح لهذه التحسينات.
أشار التقرير إلى أن قطاع السياحة الفاخرة سيواصل صموده في عام 2026، حيث سيستمر الإنفاق من الأسر ذات الدخل المرتفع، التي ستتأثر أقل من الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض بزيادة تكاليف المعيشة. ومن المتوقع أن تشهد الاستثمارات في السياحة الفاخرة تزايدًا في الأسواق المتقدمة والناشئة.
في ختام التقرير، أشار إلى تحول ملحوظ في كيفية اقتراب المسافرين من السفر الفاخر، حيث يتجهون نحو نهج “الهدف أولًا” بدلاً من “الوجهة أولًا”، مما يعكس رغبتهم في الحصول على تجارب سفر غامرة. هذه التوجهات ستدعم مرونة القطاع، مما يمكن الشركات السياحية من تقديم تجارب فاخرة وتحويلية.


التعليقات