قال إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي، إن هناك لبسًا شائعًا بين الدين الحكومي والدين العام للدولة، وأكد أن الفهم الواضح لهذين المفهومين ضروري لتقييم أزمة الديون ووضع حلول فعالة، وذلك بعد تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، حول الدين.

الفرق بين الدين الحكومي والدين العام

الميرغني أوضح أن الديون الحكومية تشمل فقط ديون الحكومة المركزية، مثل أذون وسندات الخزانة، بالإضافة إلى الديون الخارجية، أما الدين العام فهو مفهوم أوسع، حيث يشمل أيضًا ديون الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام. وهذا يعني أن التركيز فقط على الدين الحكومي لا يعطي صورة كاملة عن العبء الحقيقي على الاقتصاد.

أرقام تعكس حجم الأزمة

وأشار الميرغني إلى أن إجمالي الديون وصل في نهاية العام المالي 2023/2024 إلى حوالي 11.5 تريليون جنيه، وهو ما يمثل 82.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى يضع ضغوطًا كبيرة على المالية العامة للدولة. كما أضاف أن مشروع موازنة 2025/2026 تضمن أعباء ضخمة لخدمة الدين، حيث بلغت فوائد الديون نحو 2298 مليار جنيه، بينما أقساط الديون سجلت حوالي 2084 مليار جنيه، بإجمالي يصل إلى 4382.6 مليار جنيه، وهو ما يمثل حوالي 65% من إجمالي استخدامات الموازنة العامة. هذه الأرقام تعكس مدى استنزاف موارد الدولة، وتحد من قدرتها على توجيه الإنفاق نحو التعليم والصحة والخدمات العامة.

مسارات الخروج من أزمة الديون

الميرغني شدد على أن الحل الحقيقي لأزمة الديون لا يكمن في الاقتراض، بل في تنمية الموارد الحقيقية للاقتصاد، وخاصة قطاعات الزراعة والصناعة والتصدير، لأنها الأساس لنمو مستدام وتوفير العملة الأجنبية. وأوضح أن تعبئة المدخرات المحلية وتوجيهها لتمويل التنمية، بالإضافة إلى تطبيق نظام ضريبي عادل، يمكن أن يقلل الاعتماد على الديون، ويعزز قدرة الدولة على تمويل احتياجاتها دون تحميل الأجيال القادمة أعباء إضافية.

الإنتاج بديلًا عن الاقتراض

الميرغني أكد أن الاقتصاد المنتج هو خط الدفاع الأول ضد تفاقم الديون، مشيرًا إلى أن الاعتماد على التنمية الحقيقية والإصلاح الهيكلي الشامل هو السبيل الوحيد لتجنب أعباء الديون، وتحقيق استقرار مالي واقتصادي طويل الأجل.