قال الخبير الاقتصادي عز حسانين إن الاتفاقية التي وقعت بين البنك المركزي المصري وبنك التصدير والاستيراد الإفريقي لإنشاء “بنك الذهب” تعتبر خطوة مهمة في تجارة الذهب الإفريقي، وتضع مصر في مركز جديد لإدارة هذا المورد الحيوي.

أوضح حسانين في تصريحات لـ”نيوز روم” أن بنك الذهب لن يكون بنكًا عاديًا، بل مركزًا لوجستيًا وماليًا يهدف لجمع الذهب من الدول الإفريقية وتكريره في مصر وفق أعلى المعايير، مما يساعد في تداوله كأصل مالي معتمد دون الحاجة للوسطاء الأوروبيين أو الأمريكيين.

وأشار إلى أن الذهب الإفريقي كان يتم تصديره تقليديًا إلى دول مثل سويسرا وكندا لتكريره ثم بيعه مرة أخرى للدول الإفريقية بأسعار مرتفعة، مما أفقد القارة جزءًا كبيرًا من قيمتها، وأكد أن البنك الجديد يسعى لإنهاء هذه العملية غير العادلة.

أهداف استراتيجية تتجاوز الذهب

أكد عز حسانين أن إنشاء بنك الذهب يحمل أهدافًا أعمق، من أهمها تقليل الاعتماد على الدولار، من خلال تعزيز استخدام الذهب كاحتياطي نقدي يدعم العملات المحلية الإفريقية، التي تعاني من ضغوط كبيرة أمام العملات الأجنبية.

وأوضح أن بعض الدول الإفريقية لا تزال تعاني من تبعية نقدية، حيث تُطبع عملاتها في الخارج، مما يضع سياساتها النقدية تحت تأثير غير مباشر للبنوك الأوروبية، مشيرًا إلى أن تمكين البنوك المركزية الإفريقية من زيادة احتياطياتها من الذهب سيساعد في تقوية عملاتها وزيادة استقلالها النقدي.

وأضاف أن من بين الأهداف الرئيسية للمبادرة:

إنهاء تصدير الذهب خاما واستيراده مصنعا بأسعار مضاعفة
إدخال قطاع التعدين العشوائي في إفريقيا تحت مظلة رسمية تحفظ حقوق الدول
توفير سيولة مالية عبر إتاحة القروض بضمان الذهب أو إصدار سندات مدعومة بالذهب

لماذا مصر؟

أوضح حسانين أن اختيار مصر كمركز لبنك الذهب الإفريقي يعود إلى عدة أسباب، منها البنية التحتية المتطورة ومصافي الذهب التي يتم تحديثها وفق المعايير العالمية، بالإضافة إلى مدينة الذهب التي تضم استثمارات محلية وأجنبية في استخراج وتكرير الذهب بالصحراء المصرية.

وأشار إلى أن الموقع الجغرافي لمصر كبوابة بين إفريقيا والعالم، بالإضافة إلى الخبرة التشريعية والتنظيمية في تنظيم سوق الذهب وإنشاء صناديق الاستثمار، يعزز من قدرتها على قيادة هذا المشروع القاري.

كيف سيعمل بنك الذهب؟

كشف الخبير الاقتصادي أن المبادرة ستعتمد على عدة محاور تشغيلية، منها:

إنشاء أو اعتماد مصافي تكرير ذهب بمعايير دولية داخل مصر ودول إفريقية مشاركة
إطلاق سوق إلكتروني موحد يربط المناجم مباشرة بالبنوك المركزية والمستثمرين
تأمين خطوط نقل مؤمنة للذهب بين الدول الإفريقية
تسوية المعاملات المالية عبر أنظمة الدفع الإفريقية وربطها مصرفيًا لتقليل الاعتماد على نظام “سويفت” والدولار

واختتم عز حسانين حديثه بالتأكيد على أن بنك الذهب الجديد ليس مجرد مشروع مالي، بل هو خطوة نحو إعادة تشكيل القوة الاقتصادية في إفريقيا وتعظيم القيمة المضافة لثرواتها الطبيعية، مع تمكين مصر من لعب دور محوري في النظام المالي الإفريقي الجديد.