تعيش فنزويلا ظرفًا اقتصاديًا صعبًا في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث تضاعفت معدلات التضخم إلى مستويات ثلاثية وتراجعت قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء وفرض اعتماد السكان على الدولار ورفع أسعار السلع الاستهلاكية.
في مواجهة هذه التحديات، يبدو أن مادورو مستعد لاتخاذ خطوات غير تقليدية، فقد سمح منذ وصول ترامب إلى الحكم بإدخال منصات تداول العملات المشفرة، مما أتاح للحكومة تحويل جزء كبير من الإيرادات النفطية إلى عملات رقمية مستقرة بعيدة عن تأثير العقوبات التقليدية، مع استمرار النشاط الاقتصادي المحدود وإعادة ضخ الأموال في السوق المحلية، وفقًا لصحيفة “انفوباى” الأرجنتينية.
وتتولى نائبة الرئيس دلسي رودريجيز مهمة خصخصة بعض الموارد الطبيعية لزيادة الإيرادات، حيث تم منح امتيازات لحقول نفطية صغيرة، مما ساهم في زيادة الإنتاج النفطي بنسبة 12% هذا العام، وبالتالي تحسين إيرادات العملة الأجنبية.
توفر العملات المشفرة للحكومة القدرة على دفع رواتب المقاولين والشركات وتقديم الحوافز دون الاعتماد الكلي على الدولار التقليدي، لكن هذه الخطوة تعقد الأمور وتفتح مجالًا لفرص الفساد، وفقًا لآراء خبراء اقتصاديين، ومع ذلك، يرى محللون أن مادورو بهذا الأسلوب يعزز سيطرته على الاقتصاد وقدرته على مواجهة أي اضطراب سياسي أو اقتصادي، مشيرين إلى أن الحكومة الفنزويلية تدير الأزمة بمهارة رغم التوقعات بزيادة التضخم العام المقبل.
ورغم أن التوجه نحو العملات المشفرة يمنح الحكومة مزيدًا من النفوذ ويقلل من تأثير العقوبات الأمريكية، إلا أن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة، حيث أدى التوسع في استخدام العملات الرقمية إلى تفاقم التضخم وخلق فجوات كبيرة بين أسعار الصرف الرسمية والسوق السوداء، مما يضغط على القوة الشرائية للمواطنين ويهدد الاستقرار الاجتماعي، ومع ذلك، يؤكد المحللون أن مادورو قد نجح في تأجيل الانهيار الاقتصادي، ويشيرون إلى أن التجربة الفنزويلية قد تصبح نموذجًا فريدًا لكيفية إدارة أزمة مالية كبيرة باستخدام التكنولوجيا الرقمية، رغم التحديات والمخاطر السياسية والاقتصادية المحيطة بها.


التعليقات