قررت لجنة القيد بالبورصة المصرية، خلال جلستها المنعقدة اليوم الإثنين، نقل إدراج تداول أسهم شركة الأولى للاستثمار والتنمية العقارية من سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة (النيل) إلى السوق غير النشط، وذلك في ضوء توافر محددات إدراج الأوراق المالية بالقائمة (د)، إعمالاً لقراري رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية رقم 92 لسنة 2021 ورقم 228 لسنة 2024، على أن يبدأ تنفيذ هذا القرار اعتبارًا من بداية جلسة تداول غدًا الثلاثاء، مع إعادة التعامل على أسهم الشركة.
وفي سياق متصل، فتحت الهيئة العامة للرقابة المالية ملفًا حساسًا يتعلق بالشركة الأولى للاستثمار والتنمية العقارية، والتي تمتلك مشروع “أبراج العز” في أسيوط، حيث كشفت التحقيقات عن مخالفات وملاحظات خطيرة تهدد مستقبل الشركة في البورصة، إذ تحول المشروع من حلم عقاري واعد إلى أزمة تمويلية وإدارية.
وأوضحت الهيئة أن الشركة كانت قد تقدمت بطلب لاعتماد نشر تقرير الإفصاح وفق المادة (48) من قواعد القيد، بهدف السير في إجراءات دعوة الجمعية العامة لزيادة رأس المال من 1.875 مليون جنيه إلى 286.875 مليون جنيه، بزيادة ضخمة بلغت 280 مليون جنيه، إلا أن الطلب قوبل بالرفض في أغسطس 2024، بعد أن كشفت مراجعة القوائم المالية عن مخالفات جسيمة.
بعد مرور عام تقريبًا، أعادت الشركة تقديم طلب آخر لزيادة رأس المال إلى 120 مليون جنيه، بزيادة قدرها 113.125 مليون جنيه، منها 73.8 مليون جنيه نقدًا والباقي كأرصدة دائنة، غير أن تقرير التقييم الفني والمالي للمشروع الصادر في يوليو 2025 أظهر أن التكلفة الإجمالية لاستكمال الإنشاءات والمرافق تبلغ 233 مليون جنيه، بينما خصصت الشركة 67.5 مليون جنيه فقط، أي أقل من ثلث المبلغ المطلوب، دون تقديم خطة واضحة لتغطية الفجوة التمويلية.
كما أشارت هيئة الرقابة المالية إلى أن الشركة لا تمتلك نظامًا ماليًا ومحاسبيًا معتمدًا، حيث تكتفي بتسجيل بياناتها المالية على جداول “Excel Sheet”، وهو أمر نادر الحدوث لشركة مقيدة في البورصة، كما تبين صدور حكمين نهائيين من المحكمة الاقتصادية في مارس 2025 ضد رئيس مجلس الإدارة، دون اتخاذ الشركة أي إجراءات قانونية كما تفرضه قواعد القيد.
وكشفت القوائم المالية عن نهاية ديسمبر 2024 وحتى يونيو 2025 غياب أي إيرادات نشاط حقيقية، حيث بلغ رصيد النقدية في خزائن الشركة 80 ألف جنيه فقط، مقابل التزامات مالية ضخمة، منها حكم نهائي بقيمة تتجاوز 47 مليون جنيه، كما تبين وجود مخالفات صريحة لمعايير المحاسبة المصرية.
أما مشروع “أبراج العز”، الذي كان من المفترض أن يكون علامة عمرانية في محافظة أسيوط، فقد أصبح اليوم محور تحقيقات دقيقة، حيث أقيم على قطعة أرض مساحتها نحو 8 آلاف متر مربع، ويضم أبراجًا سكنية بارتفاع 11 دورًا فوق الأرضي والبدروم، وقد بدأت فكرته عام 2009 واستكملت الشركة ترخيصه عام 2016، بموجب قرار اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار.
أعلنت الشركة أن نسبة الإنجاز بلغت 91.5% بتكلفة تجاوزت 256.8 مليون جنيه، واشترت مساحات تجاوزت 14 ألف متر بقيمة تقارب 70 مليون جنيه بغرض إعادة البيع، إلا أن الزيادات غير المحسوبة في تكاليف البناء وتضخم أسعار مواد التشييد منذ 2022 أدخلت المشروع في دوامة تمويلية خانقة، مما دفع الشركة لمحاولة زيادة رأس المال، إلا أن الرقابة المالية رفضت اعتماد تقرير الإفصاح وأوقفت الزيادة لحين تصويب الملاحظات.
إلى جانب العثرات المالية، تواجه الشركة سلسلة من الدعاوى القضائية في محاكم القاهرة وأسيوط، حيث تطالب إحدى الدعاوى بمديونية تتجاوز 80 مليون جنيه على عدد من الشركاء، ودعوى مدنية تطالب بغرامة تهديدية وشرط جزائي بقيمة 10 ملايين جنيه، فضلًا عن دعاوى فسخ عقود واسترداد أموال مدفوعة.
ورغم عدم صدور أحكام نهائية في تلك القضايا حتى الآن، فإن الهيئة أكدت أن استمرار هذه النزاعات دون معالجة مالية كافية يمثل خطرًا على استقرار الشركة ومركزها المالي، خاصة في ظل غياب أي إيرادات تشغيلية حقيقية.


التعليقات