شاركت مصر في مؤتمر الأمم المتحدة السادس عشر للتجارة والتنمية الذي عُقد في جنيف خلال الفترة من 20 إلى 23 أكتوبر، حيث ترأس الوفد المصري السيد وزير المالية، وضم السفير علاء حجازي المبعوث الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، والوزير المفوض التجاري د أحمد مغاوري دياب رئيس المكتب التجاري المصري في جنيف، والوزير المفوض التجاري شيرين البسيوني مدير إدارة المنظمات الاقتصادية في جهاز التمثيل التجاري، وقد انعقد المؤتمر تحت شعار “تشكيل المستقبل ودفع التحول الاقتصادي من أجل تنمية عادلة وشاملة ومستدامة”، وشهدت هذه الدورة أكبر مشاركة في تاريخ الأونكتاد، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بدورها في دفع عجلة التنمية الشاملة والتجارة العالمية.

تناولت الجلسات الرفيعة واللجان المتخصصة التي عُقدت على هامش المؤتمر تعزيز التجارة والتمويل والقدرات الإنتاجية، ودور السلع الأساسية ونظام الأفضليات التجارية العالمية لدعم التجارة الدولية، بالإضافة إلى بحث قضايا التمويل والديون والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والاستثمار وسلاسل التوريد الإقليمية والدولية، كما شهد المؤتمر انعقاد اجتماعات لوزراء مجموعة الـ77 والصين والاتحاد الأفريقي والدول الأقل نموًا والدول الجزرية الصغيرة النامية والدول النامية غير الساحلية.

أسهمت مصر في أعمال المؤتمر برسائل عملية تركز على خفض تكلفة التمويل للدول النامية وتعزيز أدوات التمويل الممزوج وإصلاح هيكل الديون بما يحفز الاستثمار المنتج والمستدام، ودعمت مصر الاستفادة من منتدى إشبيلية للديون كمنصة لحوار المقترضين والدائنين لتطوير آليات تعليق السداد وقت الأزمات وتحديث مبادئ الاقتراض المسؤول، كما طرح الوفد المصري، خلال الكلمة التي ألقاها السيد وزير المالية، أولويات التحول الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة والحاجة إلى بناء القدرات الرقمية لتوسيع صادرات الخدمات، وتفاعل الوفد المصري مع تكتلات مجموعة الـ77 والصين والاتحاد الأفريقي لضمان انعكاس احتياجات الدول النامية في إعلان جنيف ومخرجات المتابعة.

أكد إعلان جنيف أهمية نظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد، منفتح وشفاف ومنصف، واعترف بأن تجارة الخدمات تمثل جبهة جديدة للتنمية، وفي محور الاستثمار ركز الإعلان على تراجع التدفقات وعدم توازن توزيعها، والدعوة إلى تيسير الاستثمار وخفض تكلفة رأس المال ودعم النظم الإيكولوجية المحلية والدولية لتعزيز الاستثمارات المستدامة، وفي الاقتصاد الرقمي دعا إلى تمكين الدول النامية بالمهارات والبنية التحتية والأطر التنظيمية لسد الفجوة التكنولوجية، وفي الديون وتمويل التنمية دعم الإعلان الصادر عن المؤتمر آليات عملية تعزز قدرات الدول النامية في إدارة الديون وتبادل الخبرات بما يحقق تنمية لا تترك أحدًا خلف الركب.

كما يعظم المؤتمر مكاسب مصر العملية عبر ثلاثة مسارات متكاملة، أولًا الانخراط النشط في منتدى إشبيلية للديون لتطوير أدوات تعليق السداد وقت الأزمات وتخفيف أعباء خدمة الدين وخلق حيز مالي للاستثمار الاجتماعي والإنتاجي، ثانيًا الاستفادة من التمويل السويسري الجديد لبرامج الأونكتاد في التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي للحصول على تقييمات جاهزية رقمية وخطط تنفيذ للمدفوعات والهوية الرقمية وحوكمة البيانات بما يعزز تنافسية صادرات الخدمات والشركات الصغيرة والمتوسطة المصرية، ثالثًا التحضير المبكر لجذب الاستثمار وتعزيز سلاسل الإمداد عبر المشاركة في المنتدى العالمي للاستثمار في قطر 2026 والمنتدى الأممي لسلاسل التوريد في المملكة العربية السعودية في نوفمبر 2026 لعرض محافظ مشاريع خضراء وقصص نجاح في لوجستيات البحر الأحمر وقناة السويس وربطها بمبادرات التنويع والمرونة والتخفيف الكربوني في سلاسل القيمة الإقليمية، بما يترجم مخرجات الأونكتاد إلى شراكات وتمويل وصفقات تصدير وخدمات لصالح الاقتصاد المصري.

أخيرًا، حرص وفد مصر، عبر هذه المشاركة، على التأكيد على التزام الدولة بالمساهمة في صياغة سياسات دولية تدعم التجارة العادلة والاستثمار المنتج وتوسع فرص النمو والتشغيل، ويعمل الفريق المصري من وزارات مصر وهيئاتها ذات الصلة على متابعة تنفيذ مخرجات إعلان جنيف وتفعيل المبادرات المرتبطة بسلاسل التوريد والاقتصاد الرقمي والاستثمار بالتعاون مع الشركاء والمؤسسات الدولية، بما يعزز مكانة مصر في المحافل متعددة الأطراف ويوسع نطاق الشراكات والفرص التصديرية والاستثمارية لخدمة مستهدفات التنمية المستدامة في مصر.