شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة العامة لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يُعقد في العاصمة السعودية الرياض، حيث تناولت الجلسة موضوع “مجلس صُنّاع التغيير: القادة المؤثرون في الشراكات بين القطاعين العام والخاص”، بمشاركة عدد من الشخصيات البارزة مثل المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، وبول تشان، وزير المالية في هونج كونج، وأليكو دانغوتي، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة دانغوتي، وجيم فيترلينغ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة داو، بالإضافة إلى ممثلين من القطاع الخاص والحكومات.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط أن التوافق بين الحكومة والقطاع الخاص يعد حجر الزاوية لتحقيق المرونة الاقتصادية، مما يمكّن الدول من مواجهة التحديات العالمية المتزايدة مثل اضطرابات سلاسل الإمداد، والتغيرات المناخية، وأزمات الطاقة، مشددة على أن الحكومات لا تستطيع التعامل بمفردها مع هذه التحديات، بل يتطلب الأمر مشاركة فاعلة من القطاع الخاص في بيئة قائمة على الثقة والوضوح والشفافية.
وأشارت المشاط إلى أن نتائج مؤشر مبادرة مستقبل الاستثمار لهذا العام سلطت الضوء على قضيتين أساسيتين هما تكلفة المعيشة وفرص العمل، موضحة أن الحل في التعامل مع هذين الملفين لا يتحقق إلا من خلال التوافق بين القطاعين الحكومي والخاص، لما توفره من مرونة في مواجهة الصدمات وضمان استدامة النمو الاقتصادي.
وأوضحت أن دور الحكومة يجب أن يتركز في التنظيم والتمكين من خلال وضع قواعد وسياسات واضحة، وضمان الشفافية وإمكانية التنبؤ بالسياسات، مؤكدة أن مصر حققت تقدمًا ملموسًا في تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجالات متعددة مثل مشروعات البنية التحتية، والرعاية الصحية، والطاقة، مشيرة إلى أن هذه المسارات رغم نجاحها لا تخلو من تحديات، مما يتطلب استمرار الحوار لضمان معالجة العقبات وتوسيع نطاق المشاركة.
وأكدت الوزيرة أن تحقيق التوافق الفعّال يرتكز على عدة ركائز أساسية، تشمل وضوح القواعد المنظمة للاستثمار، وتحديد أولويات الدولة بوضوح أمام القطاع الخاص، إلى جانب توافر المرونة في السياسات التنظيمية التي تسمح بالابتكار والتطور.
وضربت الدكتورة رانيا المشاط مثالًا على التعاون الإقليمي الناجح بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية في مشروع الربط الكهربائي، مشيرة إلى أنه نموذج عملي للتوافق والتكامل بين مؤسسات الدولتين في تنفيذ مشروعات كبرى ذات طابع استراتيجي.
وفيما يتعلق بالاقتصاد المصري، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن النمو وفرص العمل والمرونة تمثل محاور رئيسية في “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”، التي تجمع كل الإصلاحات الهيكلية والسياسات الموجهة نحو دعم الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة، لافتة إلى أن خطة التنمية متوسطة المدى حتى 2030 تمثل البرنامج التنفيذي للسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.
وقالت إنه لولا الاستثمارات في مجالات البنية التحتية التي نُفذت خلال السنوات الماضية في مجالات اللوجستيات، والموانئ، وشبكات الكهرباء، لما تمكنت مصر من استضافة شركات عالمية رائدة في مجال الطاقة المتجددة مثل “أكوا باور” وغيرها.
واستعرضت “المشاط” التجربة المصرية كنموذج للتوازن بين ضبط الاستثمار العام وتعزيز دور القطاع الخاص، مشيرة إلى أن مصر اتبعت نهجًا مزدوجًا يتمثل في تحديد سقفٍ للاستثمار العام وزيادة مشاركة القطاع الخاص إلى نحو 57% من إجمالي الاستثمارات، مع توجيه رؤوس الأموال نحو القطاعات الإنتاجية.
وأشارت إلى أن المجالات المستقبلية مثل الهيدروجين الأخضر، والشبكات الذكية، والبنية التحتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتطلب رؤوس أموال ضخمة وقدرات تقنية عالية، وهو ما توفره الشراكات بين القطاعين العام والخاص باعتبارها الإطار الأنسب لتجميع الموارد وتحقيق الجدوى المالية والاستدامة.
وأكدت “المشاط” على أهمية وجود مؤسسات قوية وخطط طويلة الأمد تضمن استمرارية السياسات، ومتابعة تنفيذها بشكل مستمر، مما يعزز ثقة القطاع الخاص ويقلل من حالة عدم اليقين.

تعليقات