كشف تقرير حديث لمجلة بوليتيكو المتخصصة في الشأن الأوروبي عن مخاوف تساور سياسيين في برلين من أن الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين الأوكرانيين في ألمانيا قد تؤثر سلباً على الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا، حيث أشار التقرير إلى أن السياسيين الألمان ونظرائهم في بولندا، وهما الدولتان الأكثر استضافة للاجئين الأوكرانيين في الاتحاد الأوروبي، هددوا بسحب دعمهم في ظل تزايد أعداد الشباب الأوكرانيين القادمين إلى بلديهما بعد تخفيف كييف لقواعد الخروج.
على الرغم من أن هناك شعوراً إيجابياً بشكل عام تجاه الأوكرانيين في كلا البلدين، إلا أن تزايد أعدادهم أصبح نقطة خلاف تثير قلق الأحزاب اليمينية المتطرفة، ومع دخول الصراع العسكري في أوكرانيا شتاءه الرابع، يتوقع أن يتصاعد النقاش حول هذه القضية مع مواجهة الملايين لخطر نقص التدفئة والمياه والكهرباء نتيجة الهجمات الروسية المستمرة.
في ألمانيا، حذر أعضاء الحزب المحافظ الحاكم بزعامة المستشار فريدريش ميرز من أن الدعم الشعبي للقضية الأوكرانية قد يتراجع في حال ظهر أن الشباب الأوكرانيين يتجنبون الخدمة العسكرية، حيث قال يورجن هاردت، أحد أعضاء الحزب، إنه لا مصلحة لألمانيا في بقاء هؤلاء الشباب بعيداً عن الدفاع عن بلادهم، مضيفاً أن التغيير الأخير في القوانين أدى إلى موجة هجرة ينبغي معالجتها.
أما في بولندا، فقد ذهب حزب الكونفدرالية اليميني المتطرف أبعد من ذلك، حيث أكد في بيان له أنه لا يمكن لبولندا أن تظل ملاذاً لآلاف الرجال الذين يجب عليهم الدفاع عن بلادهم، بينما يتحمل دافعو الضرائب تكاليف هروبهم، وجاء في التقرير أن أعداد القادمين الأوكرانيين إلى كلا البلدين زادت بشكل ملحوظ بعد تخفيف قواعد الخروج الأوكرانية الصيف الماضي، وهو ما كان يهدف إلى تسهيل الدخول والخروج للشباب لتخفيف مشاكل التجنيد العسكري.
إحصائيات حرس الحدود البولندي تشير إلى أن نحو 45300 رجل أوكراني تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً عبروا الحدود إلى بولندا منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية أغسطس، وفي الشهرين التاليين، ارتفع هذا العدد إلى 98500، بمعدل 1600 شخص يومياً، كما أن عدد الوافدين الجدد إلى ألمانيا من نفس الفئة العمرية ارتفع من 19 شخصاً أسبوعياً في منتصف أغسطس إلى ما بين 1400 و1800 شخص أسبوعياً في أكتوبر.
التقرير أشار إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد خفف قواعد الخروج للرجال الذين لم يبلغوا سن الخدمة العسكرية، حيث بات بإمكان الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً المغادرة والعودة دون التعرض للملاحقة القضائية، وكان الهدف من هذا التغيير هو تشجيع الشباب على العودة إلى أوكرانيا عند بلوغهم سن 25 عاماً، فضلاً عن ثني الآباء عن نقل أبنائهم إلى الخارج في سن مبكرة.
عند إعلان تغيير القوانين، أكد زيلينسكي على أهمية إبقاء الشباب في أوكرانيا لاستكمال دراستهم، محذراً من خطر فقدانهم الاتصال ببلادهم إذا غادروا مبكراً، وتستضيف ألمانيا وبولندا أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين في الاتحاد الأوروبي، حيث يعيش في ألمانيا حوالي 1.2 مليون شخص فروا من الصراع، وفي بولندا نحو مليون، مما يشكل أكثر من نصف جميع الأوكرانيين الذين يتمتعون بوضع الحماية في التكتل، بينما تشير بيانات وكالة التوظيف الألمانية إلى أن نحو 490 ألف أوكراني في سن العمل يتلقون إعانات بطالة طويلة الأجل في ألمانيا.

تعليقات