عُقد اجتماع ثنائي بين الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور سيدي ولد التاه، رئيس بنك التنمية الأفريقي، وذلك خلال مشاركتها في النسخة التاسعة من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” بالمملكة العربية السعودية، حيث تم مناقشة عدد من الموضوعات الاستراتيجية الهامة في إطار الإعداد للزيارة المرتقبة لرئيس البنك إلى جمهورية مصر العربية، والتي تُعتبر من المحطات الأولى لزياراته الخارجية بعد توليه مهام منصبه، مما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين ودور مصر الريادي في القارة الأفريقية.

وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن التعاون بين مصر والبنك يعكس ثقة مؤسسات التمويل الدولية في مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الدولة، حيث أكد رئيس البنك على استمرار دعم البنك لتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، واستكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والقطاعية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويُعتبر بنك التنمية الأفريقي أحد أهم شركاء التنمية الذين ساهموا في تمويل برامج دعم الموازنة وتقديم التمويلات الميسرة لتنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي، مما ساعد على صمود الاقتصاد المصري على مدار الأعوام السابقة، حيث استهدفت هذه الجهود تشجيع استثمارات القطاع الخاص من خلال تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار وتعزيز إطار المنافسة والعدالة التجارية، بالإضافة إلى دعم التنوع الاقتصادي والتحول الأخضر وتعزيز الأمن الغذائي.

وأكدت المشاط على أهمية تطوير الآليات التمويلية المبتكرة لتوفير التمويلات اللازمة لدعم القطاع الخاص، وضرورة خفض تكاليف التمويل للدول الأعضاء والقطاع الخاص، مع التركيز على تعبئة الموارد لتنفيذ المشروعات القومية ذات الأولوية في مختلف القطاعات التنموية، من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث تطرح مصر نموذجًا واقعيًا للتعاون متعدد الأطراف قائمًا على تعظيم الموارد المحلية.

كما تم التأكيد على أهمية استمرار التعاون في مجال العمل المناخي، ومواصلة التنسيق في صياغة وتنفيذ المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية، مع السعي إلى مشاركة الخبرات والتجارب المصرية للاستفادة منها في دعم صمود دول القارة الأفريقية، حيث يسعى بنك التنمية الأفريقي إلى الاسترشاد بالنجاحات التي حققتها مصر في إطار المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء “برنامج نوفي”.

ويُعتبر بنك التنمية الأفريقي شريكًا رئيسيًا واستراتيجيًا في المنصة الوطنية المصرية لبرنامج “نُوَفِّــي”، حيث قدم البنك دعمًا ماليًا وفنيًا للمساهمة في تمويل مشروع “تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة”، بالإضافة إلى تقديم عدد من التمويلات للقطاع الخاص لتنفيذ مشروعات في مجال الطاقة، مثل مشروع محطة كوم أمبو للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميجاوات، ومشروع خليج السويس لطاقة الرياح بقدرة 1100 ميجاوات، ومشروع أوبليسك للطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميجاوات مع بطاريات تخزين.

كما تم التأكيد على أهمية استمرار التعاون المشترك في طرح وبلورة رؤية شاملة لإصلاح الهيكل المالي العالمي، بما يحقق نظامًا اقتصاديًا أكثر عدالة يخدم مصالح القارة الأفريقية، ويسهم في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، وتعبئة تمويل المناخ، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وتعزيز التحول العادل والأخضر في القارة.

من جانبه، أشاد الدكتور سيدي ولد التاه بتجارب مصر الناجحة في مجال برامج إصدار السندات وما يرتبط بها من الضمانات التمويلية، والتي أسهمت في تحسين النفاذ إلى التمويل وخفض المخاطر على الاستثمارات، حيث اعتبرها نموذجًا يُحتذى به في المنطقة يمكن البناء عليه وتوسيعه من خلال التعاون مع البنك لدعم برامج مماثلة في الدول الأفريقية الأخرى، حيث تم تدبير ضمانة ائتمانية مشتركة من بنك التنمية الأفريقي بقيمة 345 مليون دولار، بالمشاركة مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بقيمة 200 مليون دولار، لدعم إصدار جمهورية مصر العربية لسندات الباندا بوند في الأسواق الصينية في أكتوبر 2023، وهي الضمانة الأولى من نوعها التي قدمها البنك لأي من الدول الأعضاء.

وقد شهد اللقاء مناقشة حول الشراكة طويلة الأمد بين مصر والبنك الأفريقي، والتي بدأت منذ عام 1974، حيث شهدت محفظة التعاون الإنمائي للبنك مع مصر نموًا متزايدًا لتصل قيمتها الإجمالية إلى حوالي 7.79 مليار دولار، منها ما يزيد عن 1.1 مليار دولار لتمويل حوالي 16 عملية للقطاع الخاص.