 
							شهدت إسبانيا حدثًا بيئيًا بارزًا تمثل في عودة طائر نسر البحر الأوروبي، المعروف بالببجارجو، إلى التكاثر في البرية للمرة الأولى منذ أكثر من مئة عام، وذلك في إطار مشروع طموح يهدف إلى إعادة إدخال الأنواع المنقرضة إلى بيئاتها الطبيعية، كما أفادت صحيفة الدياريو الإسبانية.
أُطلق مشروع إعادة نسر البحر الأوروبي في عام 2019 تحت إشراف منظمة GREFA، وهي مجموعة متخصصة في إعادة تأهيل الحياة البرية الإسبانية، وبدعم من وزارة الانتقال البيئي الإسبانية وتعاون حكومتي أستورياس وكانتابريا.
في عام 2021، تم إطلاق 25 طائرًا قادمًا من النرويج في شمال إسبانيا، ونجا منها 17 طائرًا فقط، مما أثار مخاوف بشأن نجاح المشروع، لكن العلماء احتفلوا بولادة أول فرخ نسر بحر أوروبى في منطقة شمال قشتالة وليون، حيث اعتبروا ذلك لحظة تاريخية في جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي.
رغم الاحتفاء بنجاح المشروع، أثار الأمر جدلًا علميًا كبيرًا، إذ نشر ثلاثة باحثين من جامعة أوفييدو دراسة انتقدوا فيها الأسس العلمية للمشروع، معتبرين أن البيانات حول انقراض الطائر في إسبانيا غير كافية، وأن إطلاق طيور من أصل نرويجي قد يؤثر سلبًا على توازن الأنواع المحلية مثل النسر الذهبي وكاسر العظام، مما أدى إلى انسحاب أستورياس وكانتابريا من المشروع في عام 2023.
من جانبها، أوضحت منظمة GREFA أن المشروع يحظى بموافقة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وأن المتابعة الميدانية أثبتت نجاح تكيف الطيور مع بيئتها الجديدة، مشيرة إلى أن نسر البحر يلعب دورًا بيئيًا حيويًا كونه مفترسًا ومنظفًا طبيعيًا للأنهار، حيث يساهم في السيطرة على الأسماك الغازية مثل الشبوط.
بفضل هذا المشروع، تم تعديل أكثر من 400 خط كهربائي في شمال إسبانيا لتقليل حوادث الصعق التي تهدد الطيور الجارحة، كما تم تجهيز النسور بأجهزة تتبع عبر الأقمار الصناعية لرصد تحركاتها والتبليغ عن أي حالات تسمم أو نفوق، ويأمل القائمون على المشروع أن يؤدي نجاح التكاثر إلى إحياء الدعم الحكومي وتوسيع التجربة لتشمل مزيدًا من الأزواج في المستقبل.
جدير بالذكر أن نسر البحر الأوروبي انقرض من شبه الجزيرة الإيبيرية في القرن التاسع عشر بسبب الصيد الجائر وتدمير مواطنه الطبيعية، وتُعتبر عودته اختبارًا مهمًا لقياس قدرة أوروبا على إعادة الحياة إلى الأنواع المفقودة.

 
تعليقات