أقرت الحكومة الإيطالية إصلاحًا قانونيًا يهدف إلى تقييد إمكانية الحصول على الجنسية الإيطالية عبر النسب، وهو نظام سمح لسنوات طويلة لملايين الأشخاص حول العالم، لا سيما في أمريكا اللاتينية، بالحصول على جواز السفر الإيطالي والأوروبي، وتأمل روما من خلال هذا القرار في وقف تجارة الجنسية التي ازدهرت في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت طلبات الحصول على الجنسية بنسبة 40% خلال العقد الماضي، وفقًا لتقارير صحيفة “الجورنال” الإيطالية.
وفي مؤتمر الإعلان عن القرار، شدد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني على أن الجنسية ليست مجرد تذكرة سفر إلى وجهات مثل ميامي، بل هي تعبير عن هوية ومسؤولية تجاه الوطن، مما يطرح تساؤلات حول دوافع إيطاليا لتغيير قوانينها في هذا التوقيت.
خلال العقدين الماضيين، شهد عدد الإيطاليين المقيمين في الخارج زيادة ملحوظة، إذ ارتفع من 4.6 ملايين إلى 6.4 ملايين شخص، مع تزايد عدد الطلبات في دول أمريكا اللاتينية، حيث يتوقع أن يصل عدد الإيطاليين الجدد في الأرجنتين إلى 30 ألفًا في 2024، بينما سيصل العدد في البرازيل إلى 20 ألفًا، وفنزويلا إلى نحو 8 آلاف، ويُقدَّر أن أكثر من 80 مليون شخص يمتلكون أصولًا إيطالية يمكنهم المطالبة بالجنسية، مع وجود أكثر من 60 ألف طلب قيد الانتظار.
تتضمن أبرز التغييرات في قانون الجنسية الجديد تحديد النسب بجيلين فقط، حيث سيحصل الأحفاد من الجيل الثاني على الجنسية تلقائيًا، بينما سيحتاج الأحفاد من الجيل الثالث وما فوق إلى إثباتات إضافية لتعزيز ارتباطهم بإيطاليا، كما يتعين على الإيطاليين المولودين في الخارج إثبات صلتهم بإيطاليا مرة واحدة كل 25 عامًا، من خلال المشاركة في الانتخابات أو تجديد الوثائق الرسمية أو الإقامة المؤقتة في البلاد.
ومن المقرر أن تتوقف القنصليات عن استقبال الطلبات، حيث سيتعين على المتقدمين إرسال طلباتهم مباشرة إلى مكتب مركزي في وزارة الخارجية بروما، في خطوة تهدف إلى تقليص الازدحام ومكافحة الاحتيال.
وفيما يتعلق بالتأثيرات، أكدت الحكومة أن من حصلوا على الجنسية سابقًا لن يفقدوها، بينما ستخضع الطلبات الجارية للقواعد الجديدة، مما يستوجب على أبناء الأحفاد إثبات علاقتهم المباشرة بإيطاليا وقد يتطلب منهم الإقامة داخل البلاد للحصول على الجنسية.
تسعى الحكومة الإيطالية من خلال هذا الإصلاح إلى إعادة الاعتبار لهوية المواطنة الإيطالية، وضمان أن يحصل عليها من يرتبط فعليًا بالبلاد ثقافيًا وإداريًا، وليس من يعتبرها مجرد وسيلة للحصول على جواز سفر أوروبي، كما يأتي القرار لتخفيف الضغط عن القنصليات الإيطالية في الخارج، خاصة في الأرجنتين والبرازيل، حيث وصلت فترات الانتظار إلى عشر سنوات لمعالجة الطلبات.
بهذا الإصلاح، تطوي إيطاليا صفحة الجنسية الوراثية التلقائية، لتبدأ عصرًا جديدًا من الانتماء الحقيقي والمواطنة الفاعلة، حيث أكد تاجاني في ختام تصريحاته أن الهدف هو حماية من يعتزون بكونهم إيطاليين، وليس من يسعون للحصول على جواز سفر فقط.

تعليقات