أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن النقاش حول أولوية العمل المناخي أو التنموي لم يعد مقبولًا، حيث إن جهود مواجهة أزمة المناخ تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى، جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة بعنوان “الاستثمار في صافي الانبعاثات الصفري: فتح آفاق رأس المال والابتكار من أجل الاقتصاد المستدام”، ضمن فعاليات النسخة الثانية من المؤتمر السنوي ل Chapter Zero Egypt، الذي يحمل عنوان “انبعاثات صفرية أم خسارة تامة؟”، بحضور عدد من الشخصيات البارزة في مجال الاقتصاد والاستثمار.
وأشار محيي الدين إلى أن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين “COP27” الذي عُقد في شرم الشيخ، أكد أن تمويل العمل المناخي يعد تمويلًا للتنمية والخدمات الأساسية التي تقدمها الدول لمواطنيها، حيث يسهم هذا التمويل في الحفاظ على مصادر المياه وتوفير الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى تحسين جودة التعليم وتوفير فرص العمل، وهي جميعها أهداف تتماشى مع التنمية المستدامة التي توافق عليها المجتمع الدولي.
وأوضح محيي الدين أن تنفيذ العمل المناخي والتنموي ككتلة واحدة يتطلب التركيز على ثلاثة محاور أساسية، وهي حشد التمويل الكافي والعادل من مصادره العامة والخاصة، وتعظيم دور التكنولوجيا في التحول إلى الاقتصادات الخضراء، وتغيير الفكر والسلوك على مستوى الأفراد والمؤسسات بما يسهم في تحقيق التحولات الاقتصادية والبيئية.
كما نوه محيي الدين بأهمية التكنولوجيا في العمل المناخي، حيث تلعب دورًا حيويًا في الانتقال من مصادر الطاقة كثيفة الانبعاثات إلى مصادر الطاقة النظيفة، وفيما يتعلق بالتمويل، شدد على ضرورة حشد التمويل الكافي والفعال من خلال تفعيل التمويل المشترك الذي يجمع بين القطاعين العام والخاص، ومراجعة هيكل التمويل العالمي بما في ذلك دور بنوك التنمية متعددة الأطراف، حيث يجب زيادة رأس مال هذه البنوك وتعديل سياساتها لتصبح أكثر استعدادًا لتقديم التمويل الميسر.
وأشار محيي الدين إلى أن البعد الدولي للعمل المناخي والتنموي يتراجع بفعل العديد من التحديات والأزمات الجيوسياسية، مما يتطلب تعزيز البعدين الإقليمي والمحلي، موضحًا أن عدد الدول التي قدمت المساهمات المحددة وطنيًا للعمل المناخي قبل مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم هو 46 دولة فقط، وهي مسؤولة عن 30% من الانبعاثات الكربونية.
كما أفاد بوجود مبادرات جيدة لتعزيز التعاون الإقليمي، مثل مبادرة المنصات الإقليمية لمشروعات المناخ، التي تم إطلاقها خلال الاستعداد لمؤتمر المناخ بشرم الشيخ، حيث تساهم الشبكة الأفريقية لتحالف جلاسجو المالي في حشد التمويل لمشروعات المناخ ذات الطابع التنموي في أفريقيا.
وفي سياق متصل، أشار محيي الدين إلى أن بعض الإجراءات التجارية الأحادية المرتبطة بالأهداف المناخية تعيق فرص التعاون الإقليمي، مثل آلية تعديل حدود الكربون التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي، والتي تؤثر سلبًا على القطاعات كثيفة الانبعاثات في الدول المصدرة لأوروبا، مما يستدعي مراجعة قواعد تشغيل هذه الآلية لتتوافق مع قواعد منظمة التجارة الدولية.
ولفت محيي الدين إلى أن مصر تبذل جهودًا في إطار البعد المحلي للعمل المناخي من خلال دعم التحول الرقمي وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيرًا إلى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية كنموذج للعمل المناخي والتنموي المحلي القائم على استخدام التكنولوجيا.
واختتم محيي الدين بالتأكيد على أن نجاح العمل المناخي والتنموي في أي دولة يعتمد على تحقيق التحولين الرقمي والأخضر على يد الأجيال الجديدة التي تؤمن بأهمية هذه الإجراءات كوسيلة أساسية للوصول إلى مستقبل مستدام للجميع.

تعليقات