في جبال الإنديز الأرجنتينية، شهدنا واحدة من أكثر عمليات الإنقاذ إثارة هذا العام، حيث سقط متسلق في منطقة جليدية خطيرة على بركان لانين، ذلك العملاق الذي يطل على حدود الأرجنتين وتشيلي، بدأت الرحلة كمغامرة نحو القمة لكنها تحولت فجأة إلى صراع من أجل البقاء، فقد فقد المتسلق توازنه وسقط في منطقة تُعرف باسم ما قبل القمة، والتي تُعتبر من أخطر الأجزاء في البركان، حيث تلتقي المنحدرات الجليدية الحادة مع الجروف الصخرية والممرات الضيقة التي لا ترحم.
تلقت إدارة منتزه لانين الوطني بلاغًا عاجلًا بسقوط المتسلق الذي كان واعيًا ومصحوبًا بمرشدين جبليين، ومع إدراك حجم الخطر في تلك المنطقة، تم تفعيل بروتوكول الطوارئ على الفور، لتبدأ واحدة من أكثر المهمات تعقيدًا في تاريخ الحديقة الجبلية، حيث انطلقت وحدة الحرائق والطوارئ المكونة من عشرة رجال إنقاذ محترفين، يرافقهم حراس المنتزه وفنيون من محطة ترومين، في سباق مع الزمن للوصول إلى موقع الحادث.
على الرغم من الظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الرياح القطبية ودرجات الحرارة تحت الصفر والانزلاقات الجليدية المتكررة، واصل فريق الإنقاذ تقدمه بخطوات محسوبة على التضاريس الزلقة مستخدمين الحبال والمسامير الجبلية لتأمين الطريق.
وفي تقرير نشرته صحيفة محلية، وصف أحد أفراد الفريق اللحظة الحاسمة، حيث قال: كنا نسمع صوت الرياح يصطدم بالجرف، ومع كل خطوة كان الجليد يتشقق تحت أقدامنا، كان علينا التحرك بسرعة ودقة، لأن أي خطأ بسيط قد يعني كارثة جديدة، وبعد ثلاث ساعات من التسلق المضني، نجح الفريق في تحديد موقع المتسلق وإنزاله تدريجيًا إلى منطقة الملاجئ الجبلية بمساعدة مرشدين من جمعية المرشدين الجبليين الأرجنتينية الذين صادف وجودهم بالقرب من المكان
تم تقييم حالته الطبية فور وصوله إلى مركز المراقبة في محطة ترومين، حيث تلقى الإسعافات الأولية وبدأ رحلة التعافي بعد مواجهة الموت عن قرب، وقد أشار مسؤولو المنتزه الوطني إلى أن مثل هذه الحوادث تتكرر في هذه الفصول، حين تغري الأجواء المعتدلة المتسلقين بتحدي الجبال دون إدراك أن الجليد لا يرحم، وأن تغيّر الطقس المفاجئ قد يحول الرحلة إلى مأساة في دقائق، وأضاف أحد الحراس الميدانيين: لانين ليس جبلًا عاديًا، إنه مزيج من الجمال والخطر، من السحر والموت المحتمل، كل من يصعده يجب أن يكون على دراية بأنه يدخل اختبار الطبيعة القاسي
يعتبر بركان لانين، الذي يرتفع أكثر من 3700 متر فوق سطح البحر، واحدًا من أشهر وجهات التسلق في أمريكا الجنوبية، لكنه أيضًا من أكثرها خطرًا، فالظروف الجوية القاسية والرياح العاتية والممرات الزلقة تجعل أي خطأ بسيط هناك قاتلًا، ورغم التحذيرات المتكررة، لا يزال الجبل يجذب المغامرين من أنحاء العالم، الذين يبحثون عن لحظة الانتصار فوق الغيوم، حتى وإن كانت تلك اللحظة على حافة الهاوية.

تعليقات