يرى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن زمن الخطابات الرنانة والنوايا الحسنة قد انتهى، حيث يستعد مؤتمر الأطراف الثلاثين حول تغير المناخ “كوب 30” في البرازيل للتركيز على العمل الجاد، ودعا دا سيلفا في مقال رأي بصحيفة “الجارديان” البريطانية قادة العالم إلى جعل المؤتمر “مؤتمراً للحقيقة”، محذراً من أن فقدان الثقة بين المواطنين وقادتهم سيكون عواقبه وخيمة.
وأشار دا سيلفا إلى أن البرازيل تستضيف قمة بيليم في منطقة الأمازون تمهيداً لمؤتمر الأمم المتحدة، وناشد قادة العالم الالتزام بالعمل السريع لمواجهة أزمة المناخ، وأوضح أن الفشل في الانتقال من الخطاب إلى العمل الفعلي سيؤدي إلى فقدان المجتمعات ثقتها ليس فقط في مؤتمرات الأطراف بل في التعددية والسياسة الدولية بشكل عام، ولهذا دعا القادة إلى الأمازون بهدف تحويل المؤتمر إلى “مؤتمر الحقيقة” حيث يمكن إظهار الجدية في الالتزام تجاه كوكب الأرض.
وأضاف أن البشرية أثبتت قدرتها على التغلب على التحديات الكبرى عندما تتعاون وتتبع العلم، فخلال العقود الماضية تم حماية طبقة الأوزون، كما أظهرت الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19 قدرة العالم على العمل بشكل حازم عندما تتوفر الإرادة السياسية، وأكد دا سيلفا على أهمية وجود موارد لمواجهة الأزمة بشكل جماعي، مشدداً على أن مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكنه متباين يظل أساس أي اتفاق مناخي، ودعا الجنوب العالمي إلى الحصول على مزيد من الموارد ليس كنوع من الصدقة بل من باب العدالة، إذ استفادت الدول الغنية من الاقتصاد القائم على الكربون وعليها الآن أن تتحمل مسؤولياتها من خلال الوفاء بالتزاماتها.
وأشار إلى أن البرازيل حققت تقدماً ملحوظاً، حيث تمكنت خلال عامين من تقليص إزالة الغابات في الأمازون إلى النصف، مما يثبت إمكانية العمل المناخي الفعلي، وأوضح أن بلاده ستطلق في بيليم مبادرة جديدة للحفاظ على الغابات تحت مسمى مرفق الغابات الاستوائية الدائمة، وهو صندوق استثماري يهدف إلى مكافأة من يحافظ على الغابات ويستثمر في الصندوق، حيث تعهدت البرازيل باستثمار مليار دولار في هذه المبادرة.
كما دعا دا سيلفا إلى إعادة توجيه عائدات إنتاج النفط لتمويل انتقال عادل للطاقة، مشيراً إلى أن شركات النفط ستتحول إلى شركات طاقة مع مرور الوقت، وأنه لا يمكن الاستمرار في نموذج النمو القائم على الوقود الأحفوري، وأكد ضرورة معالجة قضايا الفقر والجوع، مشيراً إلى أن ملياري شخص يفتقرون إلى الوصول إلى تقنيات الوقود النظيف، وأعلن عن إطلاق إعلان في بيليم يتعلق بالجوع والفقر والمناخ، حيث يجب أن يرتبط الالتزام بمكافحة الاحتباس الحراري بمكافحة الجوع.
وأوضح أنه خلال مؤتمر الأطراف الثلاثين ستدعو البرازيل إلى إنشاء مجلس تابع للأمم المتحدة معني بتغير المناخ، ليكون هيكلاً جديداً للحوكمة يضمن وفاء الدول بوعودها، وخطوة فعالة نحو إنهاء حالة الشلل في النظام متعدد الأطراف، وفي ختام مقاله، أكد دا سيلفا أن زمن الوعود قد ولى وحان وقت خطط العمل، داعياً إلى بدء “مؤتمر الأطراف الحقيقي” اليوم.

تعليقات