أجرى الدليل المصري جولة خاصة داخل متحف مراكب الملك خوفو بالمتحف المصري الكبير، حيث تم افتتاح المتحف للزيارة منذ صباح اليوم الثلاثاء، تزامنًا مع اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي، ويشهد المتحف إقبالًا كثيفًا من الزوار المصريين والأجانب بعد الافتتاح الرسمي.
يُعد متحف مراكب خوفو من أبرز المتاحف النوعية في العالم، حيث يقدم تجربة فريدة لا مثيل لها، ويضم قطعتين أثريتين نادرتين تُعتبران من أقدم وأضخم الآثار العضوية التي وصلت إلينا عبر آلاف السنين، وهما مركب خوفو الأولى والثانية، ولأول مرة في التاريخ، تم عرض المركبين الملكيين جنبًا إلى جنب في موقع واحد داخل المتحف الكبير، وقد تم نقل مركب خوفو الأولى من منطقة أهرامات الجيزة إلى المتحف، واستُكملت أعمال تأهيلها وتجهيزها للعرض وفق أعلى المعايير العلمية.
أما بالنسبة لمركب خوفو الثانية، فقد تم الانتهاء من استخراج ألواحها الخشبية وجميع أجزائها من موقعها الأصلي بجوار الهرم الأكبر، حيث خضعت لمرحلة أولى من الترميم، وتم نقلها إلى المتحف الكبير، ويجري حاليًا استكمال أعمال ترميمها بالتعاون مع الجانب الياباني، وسوف يُتاح للزوار مشاهدة عملية إعادة تركيب المركب الثانية مباشرة، حيث تُعرض الألواح الخشبية وهي تُجمع وتُركب تدريجيًا، مما يوفر تجربة تفاعلية فريدة.
سيناريو العرض لمتحف مراكب خوفو هو رحلة بصرية تبدأ من خارج المتحف، حيث تم إعداد منطقة عرض خارجية تمهد للزائرين ما سيشاهدونه في الداخل، من خلال عرض محاكاة لتدفق نهر النيل وعلاقته بالمراكب في الفكر المصري القديم، وتتضمن هذه المنطقة تمثالًا للإله “حابي” إله الفيضان والنيل، يقف عند مجرى مائي يرمز للنيل، محاطًا بعشرة تماثيل للإلهة “سخمت” كرمز للحماية، كما تشمل المحاكاة نموذجًا مطابقًا لإحدى الحفر الأصلية التي اكتُشفت فيها المراكب، بنفس الأبعاد والمقاييس، مع عرض 18 كتلة حجرية أثرية كانت تُستخدم لتغطية الحفرتين، وتحمل نقوشًا أصلية تضم رسوم الجرافيتي التي سجلها العمال المصريون القدماء، إلى جانب مقاسات الأحجار وخراطيش الملوك خوفو وجدف رع، مما يمنح الزائر تصورًا واقعيًا ودقيقًا لموقع الاكتشاف.
داخل المتحف، هناك سرد متكامل لقصة المراكب والملك العظيم، حيث يبدأ الزائر رحلته من منطقة الاستقبال، حيث تُعرض مجموعة من المعلومات التمهيدية حول أهمية نهر النيل ودوره في الحياة والمعتقدات المصرية القديمة، إلى جانب عرض لتاريخ منطقة أهرامات الجيزة وسياق اكتشاف مركب خوفو الأولى وحالتها الأصلية والتقنيات التي استُخدمت في نقلها وترميمها، كما يتناول العرض مراحل استخراج مركب خوفو الثانية وأعمال الترميم الجارية، إضافة إلى معلومات شاملة عن الملك خوفو والمهندس الذي صمم الهرم الأكبر والعمال الذين ساهموا في بناء هذا الصرح التاريخي الخالد.
تجدر الإشارة إلى أن عملية نقل مركب خوفو الأولى من منطقة أهرامات الجيزة إلى المتحف المصري الكبير كانت من أكثر عمليات النقل تعقيدًا، نظرًا لكونها أكبر أثر عضوي في العالم، حيث يبلغ طولها 42.3 متر، وقد نُفذت العملية بعد دراسات علمية دقيقة وضمان كافة تدابير الأمان، لتُنقل المركب كقطعة واحدة في إنجاز تقني فريد من نوعه، أما فيما يتعلق بمركب خوفو الثانية، فقد تم استخراج 1,650 لوحًا خشبيًا بحالة شديدة التدهور، وهو ما تطلّب تنفيذ عمليات ترميم دقيقة ومعقدة من أجل إعادة تأهيل كل قطعة على حدة، في واحدة من أصعب مشاريع الترميم العضوي، بالتعاون مع فريق من الخبراء المصريين والشركاء اليابانيين.
يضم المتحف المركب الأولى التي تم نقلها بنجاح، إلى جانب المركب الثانية التي يجري الآن تجميعها وترميمها وعرضها بالتعاون مع الجانب الياباني، ولأول مرة سيتمكن الزائر من مشاهدة المرممين وهم يقومون بتجميع المركب الثانية خطوة بخطوة داخل قاعة العرض، مما يوفر تجربة فريدة من نوعها، حيث سيتمكن الزائر من رؤية عملية ترميم المركب حتى تكتمل، مما يتيح له فرصة مشاهدة أحد أقدم وأضخم القطع الأثرية في التاريخ، وهي مركب بطول أكثر من 40 مترًا، عمرها آلاف السنين، تُعرض وتُرمم أمامه داخل المتحف المصري الكبير، وهي أقدم أثر عضوي موجود على الأرض.

تعليقات